كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)

و (ماذا) منتصب بـ (أجبتم) انتصاب مصدره على معنى: أي إجابة أجبتم، ولو أريد الجواب لقيل: بماذا أجبتم؟ فإن قلت: ما معنى سؤالهم؟ قلت: توبيخ قومهم، كما كان سؤال الموؤدة توبيخاً للوائد.
فإن قلت: كيف يقولون: (لا عِلْمَ لَنا) وقد علموا بما أجيبوا؟ قلت: يعلمون أن الغرض بالسؤال توبيخ أعدائهم، فيكلون الأمر إلى علمه وإحاطته بما منوا به منهم وكابدوا من سوء إجابتهم إظهاراً للتشكى واللجأ إلى ربهم في الانتقام منهم، وذلك أعظم على الكفرة وأفت في أعضادهم، وأجلب لحسرتهم وسقوطهم في أيديهم؛ إذا اجتمع توبيخ اللَّه وتشكى أنبيائه عليهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (على معنى: أي إجابة أجبتم؟ ولو أريد الجواب لقيل: بماذا أجبتم؟ )، قال صاحب "المفتاح": أي: سؤال عما يميز أحد المتشاركين عن أمر يعمهما بقول القائل: عندي ثياب، فيقول: أي ثياب هي؟ فيطلب منه وصفاً يميزها عندك عما يشاركها في الثوبية. فالمعنى: أي إجابة أجبتم: إجابة تصديق أو تكذيب، أو إجابة رد أو قبول، طاعة أو عصيان؟ ولو أريد السؤال عن مقولهم بمعنى: ما قالوا لكم؟ لقيل: بماذا، بإدخال الباء، قال القاضي: ماذا: في موضع المصدر، أو بأي شيء أجبتم، فحذف الجار، والمصنف لم يلتفت إلى الثاني.
قوله: (بما منوا به). الجوهري: منوته ومنيته: إذا ابتليته.
قوله: (وأفت في أعضادهم). الأساس: فت في عضده: إذا كسر قوته وفرق أعوانه.
قوله: (وسقوطهم في أيديهم)، الأساس: سقط في يده وأسقط وسقط على المبني للفاعل: ندم، وهو مسقوط في يده وساقط في يده: نادم.

الصفحة 525