كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)

وقيل: لا علم لنا بما كان منهم بعدنا، وإنما الحكم للخاتمة، وكيف يخفى عليهم أمرهم وقد رأوهم سود الوجوه زرق العيون موبخين؟
وقرئ: (علام الغيوب) بالنصب على أنّ الكلام قد تم بقوله: (إِنَّكَ أَنْتَ) أي: إنك الموصوف بأوصافك المعروفة من العلم وغيره، ثم نصب (علام الغيوب) على الاختصاص، أو على النداء، أو هو صفةٌ لاسم "إنّ".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وكيف يخفى عليهم أمرهم؟ ) رد واعتراض على القول اخير، وفيه إضمار، وذلك أنه تعالى لما سألهم بقوله: أي إجابة أجبتم، إجابة قبول أم رد، طاعة او عصيان؟ فقالوا: لا علم لنا بما كان منهم بعدنا، يعني: ما دمنا فيهم أجاب بعضهم إحابة طاعة وقبول، وبعضهم إجابة معصية ورد، فلما توفيتنا كنت أنت الرقيب عليهم، نحن لا نعلم ما كان منهم بعدنا: هل بدلوا وغيروا أم ثبتوا وداموا؟ لأن الحكم للخاتمة، وهذا لا يصح؛ لأن أمارات سوء الخاتمة لائحة من وجوههم وعيونهم، فكيف يقولون: نحن لا نعلم الخاتمة؟
قوله: (أي: إنك الموصوف بأوصافك المعروفة من العلم وغيره)، فالتركيب حينئذ من باب قوله:
أنا أبو النجم وشعري شعري
قوله: (أو هو صفة لاسم "إن")، قيل: فيه نظر؛ لان اسم "إن" ضمير، والضمير لا يوصف. وأجيب أن النظر مدفوع؛ لأنه يذكر الأقوال المذكورة، وبعضهم جوز وصف الضمير، وهذا بناء على ذلك المذهب.
الانتصاف: هو كقوله:
أنا أبو النجم وشعري شعري
الإنصاف: وقع في كلام الزمخشري أنه منصوب على النداء أو الاختصاص أو نعت لاسم

الصفحة 527