كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)

(إِذْ قالَ اللَّهُ) بدلٌ من (يَوْمَ يَجْمَعُ). والمعنى: أنه يوبخ الكافرين يومئذ بسؤال الرسل عن إجابتهم، وبتعديد ما أظهر على أيديهم من الآيات العظام،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"إن" وهو بعيد؛ لأن المضمرات لا توصف، واسم "إن" ضمير واحد. وفر صاحب "الانتصاف" من ذلك ولم ينبه عليه، وهو من المشكلات.
وقلت: ولا ارتياب أن الكلام إذا قُطع عند قوله: {أَنْتَ}، كما صرح به وعقبه بقوله: "ثم نُصب" لم يكن لقوله: "علام الغيوب" تعلق إعرابي به، فلا وجه لجعله صفة نحوية، فيكون التقدير: يا علام الغيوب، على النداء، أو: اذكر علام الغيوب، على المدح، او: أعني علام الغيوب، على الوصف والتفسير. فإذن: الجملة الثانية بيان للجملة الأولى من حيث الصفة التي يستدعيها المقام، على طريقة: أنا أبو النجم، وأنت تعلم أن نحو هذا التركيب لا يفيد معنى بنفسه ما لم يستند إلى ما ينبئ عن وصف خاص، وها هنا لما قيل: {إِنَّكَ أَنْتَ}، يعني إنك أنت الموصوف بأوصافك، لم يُعلم أن الصفة التي يقتضيها المقام ما هي؟ فقيل: "علام الغيوب" للكشف والبيان، والبيان يدل عليه إيقاع قوله: "من العلم وغيره" بياناً لقوله: "بأوصافك المعروفة"، ليكون شاملاً لجميع الأصواف، فيحتاج حينئذ إلى تعيين ما يقتضيه المقام، وكذلك دل قوله: "وشعري شعري" على الوصف الذي يستدعيه "أنا"، أي: أنا ذلك المشهور بالبلاغة والفصاحة، وشعري هو البالغ في الكمال.
قوله: ({إِذْ قَالَ اللَّهُ} بدل من {يَوْمَ يَجْمَعُ}، وقلت: ولما كان البدل كالتفسير للمبدل ولم يعلم من قوله: {مَاذَا أُجِبْتُمْ} هل السؤال عن تمييز أحد المتشاركين عن أمر يعمهما أو عن مقول الكافرين على تقدير الباء، كما قال القاضي، والذي عيه ظاهر كلام المصنف أن قوله: {مَاذَا أُجِبْتُمْ} مبهم في إجابة قبول أو رد، أتى بقوله: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} إلى آخر السورة بياناً وتفصيلاً لذلك المجمل، وأوضح أن السؤال على طريق التمييز وبيان أن

الصفحة 528