كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)

معناه: تكلمهم في هاتين الحالتين، من غير أن يتفاوت كلامك في حين الطفولة وحين الكهولة الذي هو وقت كمال العقل وبلوغ الأشد والحدّ الذي يستنبأ فيه الأنبياء.
(وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ) خصا بالذكر مما تناوله الكتاب والحكمة، لأن المراد بهما جنس الكتاب والحكمة. وقيل الْكِتابَ: الخط. والْحِكْمَةَ: الكلام المحكم الصواب. (كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ) هيئةٍ مثل هيئة الطير. (بِإِذْنِي) بتسهيلي. (فَتَنْفُخُ فِيها) الضمير للكاف لأنها صفة الهيئة التي كان يخلقها عيسى عليه السلام وينفخ فيها ولا يرجع إلى الهيئة المضاف إليها لأنها ليست من خلقه ولا من نفخه في شيء. وكذلك الضمير في (فتكون). (تُخْرِجُ الْمَوْتى): تخرجهم من القبور وتبعثهم. قيل: أخرج سام بن نوح ورجلين وامرأة وجارية.
(وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ) يعني: اليهود حين هموا بقتله. وقيل: لما قال اللَّه تعالى لعيسى: (اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ) كان يلبس الشعر ويأكل الشجر، .......
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (معناه: تكلمهم في هاتين الحالتين) يعني: فائدة انضمام "كهلاً" مع {فِي الْمَهْدِ} هنا، فعلى هذا يكون الثاني تابعاً للأول، والأحسن ما في كلام الإمام أن الثاني أيضاً معجزة مستقلة؛ لأن المراد: يكلم الناس في الطفولة وفي الكهولة حين ينزل من السماء في آخر الزمان؛ لأنه حين رفع لم يكن كهلاً.
قوله: (لأن المراد بهما جنس الكتاب): تعليل للتخصيص، يعني هو من باب عطف الخاص على العام لمزيد الفضل والشرف.
قوله: (ولا يرجع إلى الهيئة المضاف إليها)، يعني: في قوله: "هيئة مثل هيئة الطير"؛ لأن الثانية مشبهة بها، وهي من خلق الله، بل على الأولى المشبه؛ لأنها من تقديره ومن نفخه.
قوله: (وقيل: لما قال الله لعيسى: {اذْكُرْ نِعْمَتِي}: عطف على قوله: " {إِذْ قَالَ اللَّهُ} بدل من {يَوْمَ يَجْمَعُ} "، فيكون هذا الخطاب في الدنيا.

الصفحة 530