كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وجعل الاستطاعة نفس الملك، حتى إن القادر غير المالك عادم للطول، وكنت أستبعد احتمال اللفظ حتى وقفت على هذا القول عن الحواريين، وهو قول الحسن رحمه الله، ويقوي قول الزجاج والواحدي قوله: {وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا}، {فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ}؛ ولأن وصفهم بالحواريين ينافي أن يكونوا على الباطل، وأن الله تعالى أمر المؤمنين بالتشبه بهم والاقتداء بسنتهم في قوله: {كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ} [الصف: 14] ن ورسول الله صلى الله عليه وسلم مدح الزبير بقوله: "إن لكل نبي حوارياً، وإن حواري الزبير بن العوام"، أخرجه الترمذي، عن جابر، وقال في الصف: "والحواريون: أصفياؤه، وهم أول من آمن به، وكانوا اثني عشر رجلاً، وحواري الرجل: صفيه وخلصاؤه"، وقراءة الكسائي فإنه قرأ بالتاء وإدغام اللام فيها ونصب الباء، والباقون: بالياء ورفع الباء، أي: هل تستطيع سؤال ربك ما قال، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.
وقلت: ويمكن أن تنزل تلك القراءة على هذه، و {هَلْ} مثلها في قوله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ} [الإنسان: 1] تقديره: قد يستطيع ربك أن يُنزل علينا مائدة فاسأله حتى ينزل؟
فإن قلت: كيف يطابقه قوله تعالى: {اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ}؟ قلت: لها أسوة بقراءة الكسائي، وبالرد على إبراهيم منكراً عليه بقوله: {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ} في سؤاله: {كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} [البقرة: 260]، فحينئذ يكون قولهم: {نُرِيدُ أَنْ نَاكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا} مطابقاً لقوله: {بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260]، والله أعلم.

الصفحة 535