كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)

وكانت دعواهم لإرادة ما ذكروا كدعواهم الايمان والإخلاص.
وإنما سأل عيسى وأجيب ليلزموا الحجة بكمالها ويرسل عليهم العذاب إذا خالفوا. وقرئ: (ويعلم) بالياء على البناء للمفعول. (وتعلم) (وتكون) بالتاء، والضمير للقلوب.
(اللَّهُمَّ) أصله: يا اللَّه، فحذف حرف النداء، وعوضت منه الميم، و (رَبَّنا) نداء ثان. (تَكُونُ لَنا عِيداً) أي: يكون يوم نزولها عيداً. قيل: هو يوم الأحد ومن ثم اتخذه ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحققين في قولك: سقيا زيداً، أن "زيداً" معمول "سُقيا" لا الفعل المحذوف؛ لأنه في حكم المنسي، بخلاف قولك: ضرباً زيداً؛ لأن حكم الفعل باق، فإن قلت: لم لا يجوز أن يكون حالاً من الضمير في {الشَّاهِدِينَ}؟ قلت: لا يجوز؛ لأن ما في حيز الصلة ومعمولها لا يتقدم على الموصول.
قوله: (كدعواهم الإيمان)، قيل: كما أن دعواهم للإيمان والإخلاص كانت باطلة، كذلك دعواهم ما ذكروا من قوله: {نُرِيدُ أَنْ نَاكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا} باطلة، ثم أجاب عن سؤال مقدر، وهو أنه إذا كانت دعواهم باطلة كدعوتهم، فلم سأل عيسى عليه الصلاة والسلام المائدة؟ ولم أجابه الله تعالى؟ فأجاب بأن ذلك لإلزام الحجة.
قوله: (و {رَبِّنَا} نداء ثان). قال الزجاج: زعم سيبويه أن "اللهم" كالصوت، وأنه لا يوصف، وأن {رَبِّنَا} منصوب على نداء آخر، وقد سبق في سورة آل عمران في قوله: {قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} [آل عمران: 26] الكلام فيه.

الصفحة 537