كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الزموا عبادته، ويكون هو المراد من {مَا أَمَرْتَنِي بِهِ}، وتكون الجملة وهي: الزموا عبادته: بدلاً من {مَا أَمَرْتَنِي بِهِ} من حيث إنها في حكم المفرد؛ لأنها مقولة، و {مَا أَمَرْتَنِي بِهِ} مفرد لفظاً وجملة. يعني سلمنا ولكن لم لا يجوز أن يكون بدلاً من الهاء مع أنه لم يصح أن يقال: إلا ما أمرتني بأن اعبدوا الله؛ لما مر أنه يصح أني قال: زيد رأيت غلامه رجلاً صالحاً بدل من غلامه، مع أنه لم يصح أن يقال: زيد رأيت رجلاً صالحاً، لعدم الراجع إلى المبتدأ، وقد ذكر مختصراً منه صاحب "التقريب".
وقال القاضي: يجوز أن يكون {أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ}: خبر مبتدأ محذوف، أو: مفعول مضمر، أي: هو، أو: أعني.
وقلت: في قوله: "لم يستقم؛ لأن الله تعالى لا يقول: اعبدوا الله ربي وربكم" نظر لما لا يجوز أن عليه الصلاة والسلام نقل معنى كلام الله بهذه العبارة، كأنه قيل: قلت لهم شيئاً سوى قولك لي: قل لهم: اعبدوا الله كما سبق في قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ} [آل عمران: 12] على قراءة الياء التحتانية، وقد نص الزجاج أن {أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ} يجوز أن يكون في موضع خفض على البدل من الهاء، و {أنِ}: موصولة بـ {اعْبُدُوا اللَّهَ}، ومعناه: إلا ما أمرتني به بأن يعبدوا الله، ويجوز أن يكون موضعها نصباً على البدل من {مَا}، المعنى: ما قلت لهم شيئاً إلا أن اعبدوا الله، أي: ما ذكرت لهم إلا عبادة الله، وهذا قريب من قول المصنف: "ما أمرتهم إلا بما أمرتني به بأن اعبدوا الله"؛ لأنه أيضاً وضع ذكرت موضع القول، قال المصنف: كان الأصل ما أمرتهم إلا بما أمرتني به، فوضع القول موضع الأمر نزولاً على قضية الأدب الحسن لئلا يجعل نفسه وربه آمرين معاًن ودل على الأصل بإقحام {أَن} المفسرة.

الصفحة 544