كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)

[(قالَ اللَّهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)].
قرئ (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ) بالرفع والإضافة، وبالنصب إما على أنه ظرف لـ (قال)،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأن المغفرة مستحسنة لكل مجرم، فإن عذبت فعدل، وإن غفرت ففضل، وعدم غفران الشرك بمقتضى الوعيد فلا امتناع فيه لذات ليمنع الترديد والتعليق.
الراغب: قيل: هذا ليس بسؤال، وإنما هو كلام الله تعالى على طريق إظهار قدرته على كل ما يريد وعلى مقتضى حكمه وحكمته، وتنبيه أنه تعالى جمع القدرة والحكمة، فهو قادر على أن يفعل أي المقتضيين أراد، أي: ولهذا قال: {أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ولم يقصد سؤال الغفران للكفرة منهم، وإلى نحو هذا قصد الشاعر بقوله:
أذنبت ذنباً عظيماً ... وأنت للعفو أهل
فإن غفرت ففضل .. وإن جزيت فعدل
الانتصاف: إنه لم يوافق السنة؛ فإنهم يجوزون العفو عن الكافر عقلاً، لكن السمع يمنع منه، ولا المعتزلة؛ إذ معتقدهم امتناعها على الله عقلاً لمناقضتها الحكمة.
قوله: (وبالنصب إما على أنه ظرف لـ {قَالَ}). أبو البقاء: أي: قال الله تعالى هذا القول في يوم ينفع الصادقين صدقهم، والقول هو: {يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ}

الصفحة 548