كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)

وإما على أنّ (هذا) مبتدأٌ، والظرف خبرٌ، ومعناه: هذا الذي ذكرنا من كلام عيسى واقع (يوم ينفع). ولا يجوز أن يكون فتحا، كقوله تعالى: (يَوْمَ لا تَمْلِكُ) [الانفطار: 9] لأنه مضافٌ إلى متمكنٍ. وقرأ الأعمش: (يومٌ ينفع) بالتنوين، كقوله تعالى: (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ) [البقرة: 48].
فإن قلت: ما معنى قوله: (يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) إن أريد صدقهم في الآخرة فليست الآخرة بدار عملٍ، وإن أريد صدقهم في الدنيا فليس بمطابق لما ورد فيه، .........
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وجاء على لفظ الماضي على نحو {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ} [الأعراف: 44]، وليس ما بعد {قالَ} على الحكاية في هذا الوجه كما في الوجه الآخر.
قوله: (ولا يجوز أن يكون فتحاً كقوله تعالى: {يَوْمَ لا تَمْلِكُ}). روى أبو البقاء عن الكوفيين: {يَوْمَ} في موضع رفع: خبر "هذا"، ولكنه بُني على الفتح لإضافته إلى الفعل، قال: وعندهم يجوز بناؤه وإن أضيف إلى معرف، وعندنا لا يجوز إلا إذا أضيف إلى مبنى، وأنشد الإمام للنابغة:
على حين عاتبت المشيب على الصبا
وقال: بُني لإضافته إلى الماضي، وكذلك قوله: {يَوْمَ لا تَمْلِكُ} لإضافته إلى {لا}، وقياس الأسماء أن لا تضاف إلا إلى المفردات، فلما خولف في هذه السماء القياس المذكور، وأضيف إلى الجمل، كانت مؤولة بمصدرها فهو مفرد في المعنى، والمخالفة في الثاني أكثر، فلا يرتكب إلا عند الضرورة.
قوله: (فليس بمطابق لما ورد فيه)، يعني: ورود الآية لا يطابق إرادة صدق المكلفين

الصفحة 549