كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 5)

واختلفوا في تسميته بعَتيقٍ على أقوالٍ:
أحدُها: أنه اسمٌ سمَّته به أُمه، فقال الهيثم: لم يكن يعيش لأُمِّه ولدٌ، فلما وَلدَتْه استقبلت به الكعبةَ وقالت: اللهمَّ إنّي قد جعلتُه للكعبة، فأعتِقْه من الموت، فعاش (¬1). قال: وكان له ثلاثةُ إخوةٍ: عَتِيق ومعتِّق وعُتَيْق.
والثاني: أنه اسمٌ سمّاه به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال ابن سعدٍ بإسناده عن عائشة - رضي الله عنها - أَنَّها سُئلت: لم سُمِّيَ أبو بكرِ عَتيقًا؟ فقالت: نظر إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا فقال: "هذا عتيقُ [الله] من النار" وفي روايةٍ: "مَن سَرَّه أن يَنظُرَ إلى عتيقٍ من النار فلْيَنْظر إِلى هذا" (¬2).
والثالث: إنما سُمّيَ به لجمال وجهه، قاله الليث بن سعد (¬3).
وحكى ابن قُتيبة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لقَّبه بذلك لجمال وجهه (¬4).
والرابعُ: لأنه كان عَتيقًا في الخير (¬5)، والعربُ تقول للشيء إذا بلغ النّهايةَ في الجَودة: قد عَتَق. قاله ابن الأنباري (¬6).
والخامس: لأنه كان كريمَ الطَّرفين، لم يكن في نسبه ما يُعابُ به. قاله مُصعب الزُّبَيري (¬7).
وروت عمرةُ عن عائشة قالت: كان اسم أبي عبدَ الكعبة، فسمّاه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عبدَ الله وعَتيقًا (¬8).
¬_________
(¬1) أخرجه الدولابي في الكنى (38) ومن طريقه ابن عساكر 35 - 36/ 110 عن موسى بن طلحة، سألتُ أبي طلحة بن عبيد الله.
(¬2) طبقات ابن سعد 3/ 169 - 170.
(¬3) أخرجه ابن عساكر 35 - 36/ 101.
(¬4) المعارف 167.
(¬5) أخرجه ابن عساكر 35 - 36/ 101 عن أبي نعيم.
(¬6) ذكره الخطابي في غريب الحديث 2/ 34، والأزهري في تهذيب اللغة 1/ 211، وابن عساكر 35 - 36/ 112 عن ابن الأعرابي.
(¬7) أخرجه ابن عساكر 35 - 36/ 112 عن مصعب، وذكره ابن عبد البر في الاستيعاب 373 (مرشد)، وابن قدامة في التبيين 305.
(¬8) ذكره دون نسبة ابن قتيبة في المعارف 167، وابن الجوزي في تلقيح فهوم أهل الأثر 104.

الصفحة 10