كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 5)

المُسَجَّى بالثوبِ.
وفي روايةٍ: واللَّهِ ما خَلَّفْتُ أحدًا أُحبُّ أن أَلقى اللَّه بمثلِ عمله منك، وايْمُ اللَّهِ، إن كنتُ لأظنُّ أنَّ اللَّه يَجعلك مع صاحبيك؛ لأني كنتُ كثيرًا ما أسمعُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "ذهبتُ أنا وأبو بكرٍ وعمر، ودخلتُ أنا وأبو بكرٍ وعمر، وخرجتُ أنا وأبو بكرٍ وعمر" وإني لأرجو أن يَجعلك اللَّه معهما. أخرجاه في "الصحيحين"، وهو في مسند عليٍّ عليه السلام (¬1).
وقال المغيرة بن شُعبة: لما دُفن عمر أتيتُ عليًا وأنا أحبُّ أن أسمعَ منه في عمر شيئًا، وكان قد سمع زوجةَ عمر ابنةَ أبي خيثمة تَندُبه (¬2) وتقول: واعمراه، أقام الأَوَد، ونصر الصَّمد، وخاض الغُمَر، وأمات الغِيَر، وأحيا السُّنن، وقلد المِنَن، خرج من
الدنيا واللَّه نقيَّ الثَّوب، بريئًا من العَيب، فقال علي: لقد صَدقتْ بنتُ أبي خيثمة، لقد ذهب واللَّه بخيرها، ونجا من شرّها، أما واللَّه ما قالت ولكنها قُوِّلت.
وروى عكرمةُ، عن ابن عباسٍ قال: كنا نتحدَّثُ أن الشياطين مُصفَّدةٌ في إمارةِ عمر، فلما أُصيبَ بُثَّت في الأرضِ (¬3)، وفي روايةٍ: وما كان في الأرضِ شيطان إلّا وهو يَفرُّ من عمر.
وقال الواقدي: كان عمرُ عظيمًا في أعينِ الصحابةِ، فلما كانت الليلةُ التي مات فيها وُلِد لجماعةٍ منهم أولاد، فسمّى كلُّ واحدٍ منهم ولدَه باسمِ عمر، منهم عثمان وعلي وعبد اللَّه بن عمر (¬4).
وروت عمرةُ عن عائشة أنَّها قالت: كان عمرُ أحْزمَ من أن يُخْدَع، وكان واللَّه أحْوَزِيًّا نَسيجَ وَحْدِه، قد أعدَّ للأُمور أقرانَها، وكان يقول: لستُ بخِبِّ والخِبُّ لا يَخدَعُني (¬5).
¬__________
(¬1) مسند أحمد (898)، وصحيح البخاري (3677)، وصحيح مسلم (2389).
(¬2) كذا في (خ) و (ع)، وهذا الخبر ليس في (ك)، وفي تاريخ الطبري 4/ 218: لما مات عمر بكته ابنة أبي حَثْمة فقالت.
(¬3) أخرجه ابن عساكر 53/ 78 عن مجاهد.
(¬4) في (خ) و (ع): منهم عمار وعلي وعبيد اللَّه بن معمر.
(¬5) أخرجه ابن عساكر 36/ 421 - 425.

الصفحة 407