كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 5)

طويل اللحيةِ، وكان عثمان إذا نيلَ منه شُبِّه بذلك الرجل لطولِ لحيته (¬1).
وكان عثمان يَشُدُّ أسنانَه بالذَّهب. قلتُ: وقد اختلف العلماءُ في شدِّ الأسنانِ بالذَّهب؛ فكره أبو حنيفة ذلك، قال في "الأصل": إذا تحرَّك سِنُّ الرجلِ فشدَّه بالذهبِ، أو سقط سنُّه فاتَخذَ سنًّا من ذهبٍ، أو كان مَقطوع الأنفِ فاتَّخذَ أنفًا من ذهب، يُكره عند أبي حنيفة، وقال محمد: لا بأس به، وأبو يوسف مع أبي حنيفة في رواية، ومع محمد في روايةٍ.
واحتجَّ محمد بأنَّ عَرْفَجة بن أسعد أُصيبَ أنفُه يوم الكُلابِ، فاتَّخذ أنفًا من فِضَّةٍ فأنْتَن، فأمره النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يتَخِذَ أنفًا من ذهب (¬2). وعثمان كان يشدُّ أسنانه بالذهب ولم يُنكر عليه أحدٌ (¬3).
وكان نَقْشُ خاتَمه: آمن عثمان باللَّهِ العظيمِ.

ذِكرُ سبب إسلامه:
قد ذكرنا أنه أسلم قديمًا قبل دخولِ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- دارَ الأرقم.
وحكى ابن سعدٍ عن الواقدي قال: خَرَج عثمان وطلحةُ بنُ عبيد اللَّه على أَثَرِ الزّبير ابن العوام، فدخلا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فعرض عليهما الإسلامَ، وقرأ عليهما القُرآن فأسلما (¬4)، وقال عثمان: يا رسول اللَّه، قدمتُ من الشام حديثًا، فلما كنّا بين مُعان والزَّرْقاء ونحن كالنيّام إذا مُنادٍ يُنادينا: أيُّها النُّوام هُبُّوا؛ فقد خرج أحمدُ بمكة، فقَدِمْنا فسَمِعنا بك (¬5).
وحكى أبو بكر النقَّاش، عن عمرو بن عثمان بن عفان قال: حدَّثني أبي عن سبب إسلامه قال: كنتُ رجلًا مُسْتَهْتَرًا بالنّساء، وإني لَقاعدٌ بفِناء الكعبةِ ذات ليلةٍ في رهطٍ
¬__________
(¬1) الصحاح (نعثل).
(¬2) أخرجه أحمد (19006)، وأبو داود (4232)، والترمذي (1770)، وانظر شرح معاني الآثار 4/ 257، وبدائع الصنائع 6/ 524، والحاشية 6/ 362.
(¬3) من قوله: وقال هشام. . . إلى هنا ليس في (خ) و (ع).
(¬4) من قوله: وحكى ابن سعد. . . إلى هنا ليس في (خ) و (ع).
(¬5) طبقات ابن سعد 3/ 52.

الصفحة 422