كتاب السنن (المعروف بالسنن الكبرى) للنسائي - ط التأصيل (اسم الجزء: 5)

3719 - أَخبَرنا القَاسِمُ بنُ زَكَرِيَّا بنُ دِينَارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: حَدثنا أَسْبَاطٌ، وَهُوَ ابنُ نَصْرٍ، قَالَ: زَعَمَ السُّدِّيُّ، عَن مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَن أَبيهِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ، أَمَّنَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم النَّاسَ، إِلاَّ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَقَالَ: اقْتُلُوهُمْ، وَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمْ مُتَعَلِّقِينَ بِأَسْتَارِ الكَعْبَةِ: عِكْرِمَةَ بْنَ أَبي جَهْلٍ، وَعَبدَ اللهِ بْنَ خَطَلٍ، وَمِقْيَسَ بْنَ صُبَابَةَ، وَعَبدَ اللهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبي سَرْحٍ، فَأَمَّا عَبدُ اللهِ بنُ خَطَلٍ، فَأُدْرِكَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الكَعْبَةِ، فَاسْتَبَقَ إِلَيْهِ سَعِيدُ بنُ حُرَيْثٍ، وَعَمَّارُ بنُ يَاسِرٍ، فَسَبَقَ سَعِيدٌ عَمَّارًا، وَكَانَ أَشَبَّ الرَّجُلَيْنِ، فَقَتَلَهُ، وَأَمَّا مِقْيَسُ بنُ صُبَابَةَ، فَأَدْرَكَهُ النَّاسُ فِي السُّوقِ، فَقَتَلُوهُ، وَأَمَّا عِكْرِمَةُ، فَرَكِبَ البَحْرَ فَأَصَابَتْهُمْ عَاصِفٌ، فَقَالَ أَصْحَابُ السَّفِينَةِ أَخْلِصُوا فَإِنَّ آلِهَتَكُمْ لا تُغْنِي عَنكُمْ شَيْئًا هَاهُنَا، فَقَالَ عِكْرِمَةُ: وَاللهِ لَئِنْ لَمْ يُنَجِّينِي فِي البَحْرِ إِلاَّ الإِخْلاصُ مَا يُنَجِّينِي فِي البَرِّ غَيْرُهُ، اللهُمَّ إِنَّ لَكَ عَلَيَّ عَهْدًا إِنْ أَنْتَ عَافَيْتَنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ، أَنْ آتِيَ مُحَمدًا صَلى الله عَليه وسَلم حَتَّى أَضَعَ يَدِي فِي يَدِهِ، فَلأَجِدَنَّهُ عَفُوًّا كَرِيمًا، فَجَاءَ فَأَسْلَمَ، وَأَمَّا عَبدُ اللهِ بنُ سَعْدِ بْنِ أَبي سَرْحٍ، فَإِنَّهُ اخْتَبَأَ عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَلَمَّا دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم النَّاسَ إِلَى البَيْعَةِ، جَاءَ بِهِ حَتَّى أَوْقَفَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَليه وسَلم، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، بَايِعْ عَبدَ اللهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثَلاثًا، كُلَّ ذَلِكَ يَأْبَى، فَبَايَعَهُ بَعْدَ ثَلاثٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: مَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَقُومُ إِلَى هَذَا حَيْثُ رَآنِي كَفَفْتُ يَدِي عَن بَيْعَتِهِ، فَيَقْتُلُهُ؟ قَالُوا: مَا يُدْرِينَا يَا رَسُولَ اللهِ مَا فِي نَفْسِكَ، هَلاَّ أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ؟ قَالَ: إِنَّهُ لا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الأَعْيُنِ.

الصفحة 557