كتاب المصنف لعبد الرزاق الصنعاني - ط التأصيل (اسم الجزء: 5)

فَاسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَذِنَ لِي أَنْ أَقُولَ مَا شِئْتُ، وَأَخْفِ عَنِّي ثَلاَثًا، ثُمَّ اذْكُرْ مَا بَدَا لَكَ، قَالَ: فَجَمَعَتِ امْرَأَتُهُ مَا كَانَ عِنْدَهَا مِنْ حُلِيٍّ وَمَتَاعٍ، فَدَفَعَتْهُ إِلَيْهِ، ثُمَّ انْشَمَرَ بِهِ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ثَلاَثٍ، أَتَى الْعَبَّاسُ امْرَأَةَ الْحَجَّاجِ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ زَوْجُكِ؟ فَأَخْبَرَتْهُ أَنْ قَدْ ذَهَبَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، وَقَالَتْ: لاَ يُخْزِيكَ اللهُ يَا أَبَا الْفَضْلِ، لَقَدْ شَقَّ عَلَيْنَا الَّذِي بَلَغَكَ، قَالَ: أَجَلْ، فَلاَ يُخْزِينِي اللهُ، وَلَمْ يَكُنْ بِحَمْدِ اللهِ إِلاَّ مَا أَحْبَبْنَا، فَتْحَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَيْبَرَ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَرَتْ سِهَامُ اللهِ تَعَالَى فِي أَمْوَالِهِمْ، وَاصْطَفَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّةَ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ لَكِ حَاجَةٌ فِي زَوْجِكِ، فَالْحَقِي بِهِ، قَالَتْ: أَظُنُّكَ وَاللهِ صَادِقًا، قَالَ: فَإِنِّي وَاللهِ صَادِقٌ، وَالأَمْرُ عَلَى مَا أَخْبَرْتُكِ، قَالَ: ثُمَّ ذَهَبَ، حَتَّى أَتَى مَجَالِسَ قُرَيْشٍ، وَهُمْ يَقُولُونَ إِذَا مَرَّ بِهِمْ: لاَ يُصِيبُكَ إِلاَّ خَيْرٌ يَا أَبَا الْفَضْلِ، قَالَ: لَمْ يُصِبْنِي إِلاَّ خَيْرٌ بِحَمْدِ اللهِ، قَدْ أَخْبَرَنِي الْحَجَّاجُ بن عِلاَطٍ أَنَّ خَيْبَرَ فَتَحَهَا اللهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَرَتْ فِيهَا سِهَامُ اللهِ، وَاصْطَفَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّةَ لِنَفْسِهِ، وَقَدْ سَأَلَنِي أَنْ أُخْفِيَ عَنْهُ ثَلاَثًا، وَإِنَّمَا جَاءَ لِيَأْخُذَ مَالَهُ، وَمَا لَهُ مِنْ شَيْءٍ هَاهُنَا، ثُمَّ يَذْهَبَ، قَالَ: فَرَدَّ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْكَآبَةَ الَّتِي كَانَتْ بِالمُسْلِمِينَ عَلَى المُشْرِكِينَ، وَخَرَجَ المُسْلِمُونَ مِمَّنْ كَانَ دَخَلَ بَيْتَهُ مُكْتَئِبًا، حَتَّى أَتَوُا الْعَبَّاسَ، فَأَخْبَرَهُمُ الْخَبَرَ، وَسُرَّ المُسْلِمُونَ، وَرَدَّ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَا كَانَ مِنْ كَآبَةٍ، أَوْ غَيْظٍ، أَوْ حُزْنٍ عَلَى المُشْرِكِينَ.

الصفحة 103