كتاب المصنف لعبد الرزاق الصنعاني - ط التأصيل (اسم الجزء: 5)

وَكَانَ تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِيَّ، فَكَتَبَ بِالْعَرَبِيَّةِ مِنَ الإِنْجِيلِ مَا شَاءَ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ، فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: أَيِ ابْنَ عَمِّي اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ، فَقَالَ وَرَقَةُ: ابْنُ أَخِي، مَا تَرَى؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَأَى، فَقَالَ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟ فَقَالَ وَرَقَةُ: نَعَمْ، لَمْ يَأتِ أَحَدٌ بِمَا أَتَيْتَ بِهِ، إِلاَّ عُودِيَ، وَأُوذِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ، وَفَتُرَ الْوَحْيُ فَتْرَةً، حَتَّى حَزِنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَلَغَنَا، حُزْنًا بَدَا مِنْهُ أَشَدَّ حُزْنًا، غَدَا مِنْهُ مِرَارًا، كَيْ يَتَرَدَّى مِنْ رُؤُوسِ شَوَاهِقِ الْجِبَالِ، فَلَمَّا ارْتَقَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ، تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، يَا رَسُولَ اللهِ حَقًّا، فَيَسْكُنْ لِذَلِكَ جَأْشُهُ، وَتَقِرَّ نَفْسُهُ، فَرَجَعَ، فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الْوَحْيِ، عَادَ لِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِذَا رَقَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ.
10448- قَالَ مَعْمَرٌ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَأَخْبَرَنِي أَبو سَلَمَةَ بن عَبدِ الرَّحْمَنِ، عَن جَابِرِ بْنِ عَبدِ اللهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُحَدِّثُ عَن فَتْرَةِ الْوَحْيِ، فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ: بَيْنَا أَنَا أَمْشِي، سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَجُئِثْتُ مِنْهُ رُعْبًا، ثُمَّ رَجَعْتُ، فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي، زَمِّلُونِي، وَدَثِّرُونِي، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا المُدَّثِّرُ} إِلَى: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلاَةُ، وَهِيَ الأَوْثَانُ.

الصفحة 11