كتاب المصنف لعبد الرزاق الصنعاني - ط التأصيل (اسم الجزء: 5)
10549- عبد الرزاق، عَن يَحيَى بنِ الْعَلاَءِ الْبَجَلِيِّ، عَنْ عَمِّهِ شُعَيْبِ بْنِ خَالِدٍ، عَن حَنْظَلَةَ بْنِ سَبْرَةَ (1) بنِ المُسَيَّبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَن جَدِّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَتْ فَاطِمَةُ تُذْكَرُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلاَ يَذْكُرُهَا أَحَدٌ، إِلاَّ صَدَّ عَنْهُ، حَتَّى يَئِسُوا مِنْهَا، فَلَقِيَ سَعْدُ بن مُعَاذٍ عَلِيًّا، فَقَالَ: إِنِّي وَاللهِ مَا أَرَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْبِسُهَا إِلاَّ عَلَيْكَ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: لِمَ تَرَ ذَلِكَ؟ قَالَ: فَوَاللهِ، مَا أَنَا بِوَاحِدٍ مِنَ الرَّجُلَيْنِ، مَا أَنَا بِصَاحِبِ دُنْيَا يُلْتَمَسُ مَا عِنْدِي، وَقَدْ عَلِمَ مَا لِي صَفْرَاءُ وَلاَ بَيْضَاءُ، وَلاَ أَنَا بِالْكَافِرِ الَّذِي يَتَرَفَّقُ بِهَا عَن دِينِهِ، يَعْنِي يَتَأَلَّفَهُ بِهَا، إِنِّي لأَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ، فَقَالَ سَعْدٌ: فَإِنِّي أَعْزِمُ عَلَيْكَ لَتُفَرِّجَنَّهَا عَنِّي، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ فَرَجًا، قَالَ: فَأَقُولُ مَاذَا؟ قَالَ: تَقُولُ: جِئْتُ خَاطِبًا إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَانْطَلَقَ عَلَيٌّ، فَعَرَضَ على النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ ثقيل حَصِرٌ (2)، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَأَنَّ لَكَ حَاجَةً يَا عَلِيُّ؟ قَالَ: أَجَلْ، جِئْتُ خَاطِبًا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ فَاطِمَةَ ابْنَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَرْحَبًا، كَلِمَةً ضَعِيفَةً، ثُمَّ رَجَعَ عَلِيٌّ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَقَالَ لَهُ: مَا فَعَلْتَ؟ قَالَ: فَعَلْتُ الَّذِي أَمَرْتَنِي بِهِ، فَلَمْ يَزِدْ عَلَى أَنْ رَحَّبَ بِي، كَلِمَةً ضَعِيفَةً،
_حاشية__________
(1) هكذا في طبعة دار التأصيل، تحرف في طبعتي المكتب الإسلامي، ودار الكتب العلمية، إلى: «حنظلة بن سمرة»، وهو: حَنظَلَة بن سَبرَة بن المُسيَّب بن نَجَبَة، الفَزاري. «التاريخ الكبير» للبخاري 3/ 38، و«الجرح والتعديل» 3/ 242.
(2) هكذا في طبعة دار التأصيل، وفي طبعة دار الكتب العلمية: «وَهُوَ يصلي مفل حَصِرٌ»، وفي طبعة المكتب الإسلامي: «وَهُوَ ----فل حَصِرٌ».
فَقَالَ سَعْدٌ: أَنْكَحَكَ، وَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِ، إِنَّهُ لاَ خُلْفَ الآنَ، وَلاَ كَذِبَ عِنْدَهُ، عَزَمْتُ عَلَيْكَ لَتَأْتِيَنَّهُ غَدًا، فَتَقُولَنَّ: يَا نَبِيَّ اللهِ، مَتَى تُبْنِينِي؟ قَالَ عَلِيٌّ: هَذِهِ عَلَيَّ أَشَدُّ مِنَ الأُولَى، أَوَلاَ أَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ، حَاجَتِي؟ قَالَ: قُلْ كَمَا أَمَرْتُكَ، فَانْطَلَقَ عَلِيٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَتَى تُبْنِينِي؟ قَالَ: الثَّالِثَةَ، إِنْ شَاءَ اللهُ، ثُمَّ دَعَا بِلاَلاً، فَقَالَ: يَا بِلاَلُ، إِنِّي زَوَّجْتُ ابْنَتِي، ابْنَ عَمِّي، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ سُنَّةِ أُمَّتِي إِطْعَامُ الطَّعَامِ عِنْد النِّكَاحِ، فَأْتِ الْغَنَمَ، فَخُذْ شَاةً، وَأَرْبَعَةَ أَمْدَادٍ، أَوْ خَمْسَةً، فَاجْعَلْ لِي قَصْعَةً، لَعَلِّيَ أَجْمَعُ عَلَيْهَا المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ، فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْهَا، فَآذِنِّي بِهَا، فَانْطَلَقَ، فَفَعَلَ مَا أَمَرَهُ، ثُمَّ أَتَاهُ بِقَصْعَةٍ، فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَطَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَأْسِهَا، ثُمَّ قَالَ: أَدْخِلْ عَلَيَّ النَّاسَ زُفَّةً زُفَّةً (1)، وَلاَ تُغَادِرَنَّ زُفَّةً إِلَى غَيْرِهَا، يَعْنِي إِذَا فَرَغَتْ زُفَّةٌ، لَمْ تَعُدْ ثَانِيَةً، فَجَعَلَ النَّاسُ يَرِدُونَ، كُلَّمَا فَرَغَتْ زُفَّةٌ، وَرَدَتْ أُخْرَى، حَتَّى فَرَغَ النَّاسُ، ثُمَّ عَمَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَا فَضَلَ مِنْهَا، فَتَفَلَ فِيه، وَبَارَكَ، وَقَالَ: يَا بِلاَلُ، احْمِلْهَا إِلَى أُمَّهَاتِكَ، وَقُلْ لَهُنَّ: كُلْنَ، وَأَطْعِمْنَ مَنْ غَشِيَكُنَّ،
_حاشية__________
(1) قال ابن الأثير: زُفَّةً زُفَّةً، أَي طائفة بعد طائفة، وزُمرة بعد زُمرة، سُمِّيت بذلك لزَفيفها فِي مَشْيها، وإقبالها بسرعة. «النهاية» 2/ 305.
الصفحة 115