كتاب المصنف لعبد الرزاق الصنعاني - ط التأصيل (اسم الجزء: 5)
ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ: إِنِّي قَدْ زَوَّجْتُ ابْنَتِي ابْنَ عَمِّي، وَقَدْ عَلِمْتُنَّ مَنْزِلَتَهَا مِنِّي، وَإِنِّي دَافِعُهَا إِلَيْهِ الآنَ، إِنْ شَاءَ اللهُ، فَدُونَكُنَّ ابْنَتَكُنَّ، فَقَامَ النِّسَاءُ، فَغَلَفْنَهَا مِنْ طِيبِهِنَّ وَحُلِيِّهِنَّ، ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ، فَلَمَّا رَآهُ النِّسَاءُ ذَهَبْنَ، وَبَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُتْرَةٌ، وَتَخَلَّفَتْ أَسْمَاءُ ابْنَةُ عُمَيْسٍ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَمَا أَنْتِ، عَلَى رِسْلِكِ، مَنْ أَنْتِ؟ قَالَتْ: أَنَا الَّتِي أَحْرُسُ ابْنَتَكَ، فإِنَّ الْفَتَاةَ لَيْلَةَ يُبْنَى بِهَا، لاَ بُدَّ لَهَا مِنِ امْرَأَةٍ تَكُونُ قَرِيبًا مِنْهَا، إِنْ عَرَضَتْ لَهَا حَاجَةٌ، وإن أَرَادَتْ شَيْئًا أَفْضَتْ بِذَلِكَ إِلَيْهَا، قَالَ: فَإِنِّي أَسْأَلُ إِلَهِي أَنْ يَحْرُسَكِ مِنْ بَيْنَ يَدَيْكِ، وَمِنْ خَلْفِكِ، وَعَنْ يَمِينِكِ، وَعَنْ شِمَالِكِ، مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، ثُمَّ صَرَخَ بِفَاطِمَةَ، فَأَقْبَلَتْ، فَلَمَّا رَأَتْ عَلِيًّا جَالِسًا إِلَى جَنْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خفرَتْ وَبَكَتْ، فَأَشْفَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ بُكَاؤُهَا لأَنَّ عَلِيًّا لاَ مَالَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا يُبْكِيكِ؟ فَمَا أَلَوْتُكِ فِي نَفْسِي، وَقَدْ طلبْتُ لَكِ خَيْرَ أَهْلِي، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ زَوَّجْتُكِهِ سَعيدًا فِي الدُّنْيَا، وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ، فَلاَنَ مِنْهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ائْتِينِي بِالمِخْضَبِ، فَامْلَئِيهِ مَاءً، فَأَتَتْ أَسْمَاءُ بِالمِخْضَبِ، فَمَلأَتْهُ مَاءً، ثُمَّ مَجَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ، وَغَسَلَ فِيهِ قَدَمَيْهِ وَوَجْهَهُ،
الصفحة 116