كتاب المصنف لعبد الرزاق الصنعاني - ط التأصيل (اسم الجزء: 5)

ثُمَّ دَعَا فَاطِمَةَ، فَأَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ، فَضَرَبَ بِهِ عَلَى رَأْسِهَا، وَكَفًّا بَيْنَ ثَدْيَيْهَا، ثُمَّ رَشَّ جِلْدَهُ وَجِلْدَهَا، ثُمَّ الْتَزَمَهُمَا، فَقَالَ: اللهُمَّ إِنَّهُمَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمَا، اللهُمَّ كَمَا أَذْهَبْتَ عَنِّي الرِّجْسَ وَطَهَّرْتَنِي، فَطَهِّرْهُمَا، ثُمَّ دَعَا بِمِخْضَبٍ آخَرَ، ثُمَّ دَعَا عَلِيًّا، فَصَنَعَ بِهِ كَمَا صَنَعَ بِهَا، ودَعَا لَهُ كَمَا دَعَا لَهَا، ثُمَّ قَالَ: أَنْ قُومَا إِلَى بَيْتِكُمَا، جَمَعَ اللهُ بَيْنَكُمَا، وَبَارَكَ فِي سِرِّكُمَا، وَأَصْلَحَ بَالَكُمَا، ثُمَّ قَامَ، فَأَغْلَقَ عَلَيْهِمَا بَابَهُ بِيَدِهِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَخْبَرَتْنِي أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ؛ أَنَّهَا رَمَقَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَزَلْ يَدْعُو لَهُمَا خَاصَّةً، لاَ يُشْرِكُهُمَا فِي دُعَائِهِ أَحَدٌ، حَتَّى تَوَارَى فِي حُجَرِهِ.
10550- عبد الرزاق، عَن وَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، أَنَّ عَلِيًّا لَمَّا تَزَوَّجَ فَاطِمَةَ، قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: زَوَّجْتَنِيهِ أُعَيْمِشَ، عَظِيمَ الْبَطْنِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَقَدْ زَوَّجْتُكِهِ، وَإِنَّهُ لأَوَّلُ أَصْحَابِي سِلْمًا، وَأَكْثَرُهُمْ عِلْمًا، وَأَعْظَمُهُمْ حِلْمًا.
10551 - عبد الرزاق، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَن عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ أُسَامَةَ بن زَيْدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ حِمَارًا عَلَى إِكَافٍ تَحْتَهُ قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ وَأَرْدَفَ وَرَاءَهُ أُسَامَةَ بن زَيْدٍ وَهُوَ يَعُودُ سَعْدَ بن عُبَادَةَ فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، وَذَلِكَ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، حَتَّى مَرَّ بِمَخْلَطٍ فِيهِ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَالمُشْرِكِينَ عَبدَةِ الأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ، وَفِيهِمْ عَبدُ اللهِ بن أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولٍ، وَفِي المَجْلِسِ عَبدُ اللهِ بن رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ المَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ خَمَّرَ عَبدُ اللهِ بن أُبَيٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ، ثُمَّ قَالَ: لاَ تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ وَقَفَ فَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللهِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَقَالَ لَهُ عَبدُ اللهِ بن أُبَيٍّ: أَيُّهَا المَرْءُ لاَ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا، إِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا، فَلاَ تُؤْذِنَا فِي مَجْلِسِنَا، وَارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ، فَمَنْ جَاءَكَ مِنَّا فَاقْصُصْ عَلَيْهِ فَقَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ: اغْشَنَا فِي مَجَالِسِنَا، فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ. فَاسْتَبَّ المُسْلِمُونَ، وَالمُشْرِكُونَ، وَالْيَهُودُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَتَوَاثَبُوا، فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ، ثُمَّ رَكِبَ دَابَّتَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ: أَيْ سَعْدُ، أَلَمْ تَسْمَعْ مَا يَقُولُ أَبو خُبَابٍ (1)؟ يُرِيدُ عَبدَ اللهِ بن أُبَيٍّ، قَالَ كَذَا وَكَذَا قَالَ سَعْدٌ: اعْفُ عَنْهُ يَا رَسُولَ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاصْفَحْ، فَوَاللهِ لَقَدْ أَعْطَاكَ اللهُ الَّذِي أَعْطَاكَ، وَلَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ الْبَحَيرَةِ (2) أَنْ يُتَوِّجُوهُ، يَعْنِي يُمَلِّكُوهُ، فَيُعَصِّبُوهُ بِالْعِصَابَةِ فَلَمَّا رَدَّ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذَلِكَ بِالْحَقِّ، الَّذِي أَعْطَاكَهُ شَرِقَ بِذَلِكَ، فَلِذَلِكَ فَعَلَ بِكَ مَا رَأَيْتَ. فَعَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
آخِرُ كِتَابِ المَغَازِي، وَالْحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ.
_حاشية__________
(1) هكذا في طبعتي دار التأصيل، ودار الكتب العلمية، وفي طبعة المكتب الإسلامي: «حُبَابٍ».
(2) هكذا في طبعتي دار التأصيل، ودار الكتب العلمية، وفي طبعة المكتب الإسلامي: «الْبَحْرَةِ».

الصفحة 117