كتاب المصنف لعبد الرزاق الصنعاني - ط التأصيل (اسم الجزء: 5)
ثُمَّ خَرَجُوا بِهِ مِنَ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ، فَقَالَ: دَعُونِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: لَوْلاَ أَنْ تُرَوْا أَنَّ مَا بِي جَزْعٌ مِنَ المَوْتِ، لَزِدْتُ، فَكَانَ أَوَّلَّ مَنْ سَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ الْقَتْلِ هُوَ، ثُمَّ قَالَ: اللهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا، ثُمَّ قَالَ:
وَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا ... عَلَى أَيِّ شِقٍّ كَانَ للهِ مَصْرَعِي
وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ ... يُبَارَكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ
ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ عُقْبَةُ بن الْحَارِثِ، فَقَتَلَهُ، قَالَ: وَبَعَثَ قُرَيْشُ إِلَى عَاصِمٍ لِيُؤْتَوْا بِشَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ يَعْرِفُونَهُ، وَكَانَ قَتَلَ عَظِيمًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ، فَبَعَثَ اللهُ مِثْلَ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ فَحَمَتْهُ مِنْ رُسُلِهِمْ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ.
10468- عبد الرزاق، عَنْ مَعْمَرٍ، عَن عُثْمَانَ الْجَزَرِيِّ، عَن مِقْسَمٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ مَعْمَرٌ: وَحَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ بِبَعْضِهِ، قَالَ: إِنَّ ابْنَ أَبِي مُعَيْطٍ، وَأُبَيَّ بن خَلَفٍ الْجُمَحِيَّ الْتَقَيَا، فَقَالَ عُقْبَةُ بن أَبِي مُعَيْطٍ لأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ، وَكَانَا خَلِيلَيْنِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ أُبَيُّ بن خَلْفٍ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ الإِسْلاَمَ، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ عُقْبَةُ، قَالَ: لاَ أَرْضَى عَنْكَ، حَتَّى تَأْتِيَ مُحَمَّدًا، فَتَتْفُلَ فِي وَجْهِهِ، وَتَشْتُمَهُ، وَتُكَذِّبَهُ، قَالَ: فَلَمْ يُسَلِّطْهُ اللهُ عَلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ، أُسِرَ عُقْبَةُ بن أَبِي مُعَيْطٍ فِي الأُسَارَى، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بن أَبِي طَالِبٍ أَنْ يَقْتُلَهُ، فَقَالَ عُقْبَةُ: يَا مُحَمَّدُ، مِنْ بَيْنَ هَؤُلاَءِ أُقْتَلُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: لِمَ؟ قَالَ: بِكُفْرِكَ، وَفُجُورِكَ، وَعُتُوِّكَ عَلَى اللهِ وَرَسُولِهِ.
الصفحة 30