كتاب المصنف لعبد الرزاق الصنعاني - ط التأصيل (اسم الجزء: 5)
قَالَ مَعْمَرٌ: وَقَالَ مِقْسَمٌ: فَبَلَغَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ، أَنَّهُ قَالَ: فَمَنْ لِلصِّبْيَةِ؟ قَالَ: النَّارُ، قَالَ: فَقَامَ إِلَيْهِ عَلِيُّ بن أَبِي طَالِبٍ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ.
وَأَمَّا أُبَيُّ بن خَلَفٍ، فَقَالَ: وَاللهِ لأَقْتُلَنَّ مُحَمَّدًا، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: بَلْ أَنَا أَقْتُلُهُ، إِنْ شَاءَ اللهُ، قَالَ: فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِمَّنْ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ، فَقِيلَ: إِنَّهُ لَمَّا قِيلَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قُلْتَ؟ قَالَ: بَلْ أَنَا أَقْتُلُهُ، إِنْ شَاءَ اللهُ، فَأَفْزَعَهُ ذَلِكَ، وَقَالَ: أُنْشِدُكَ باللهِ، أَسَمِعْتَهُ يَقُولُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَوَقَعَتْ فِي نَفْسِهِ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَوْلاً، إِلاَّ كَانَ حَقًّا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، خَرَجَ أُبَيُّ بن خَلَفٍ مَعَ المُشْرِكِينَ، فَجَعَلَ يَلْتَمِسُ غَفَلَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ، فَيَحُولُ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لأَصْحَابِهِ: خَلُّوا عَنْهُ، فَأَخَذَ الْحَرْبَةَ، فَجَزَلَهُ بِهَا، يَقُولُ: رَمَاهُ بِهَا، فَيَقَعُ فِي تَرْقُوَتِهِ، تَحْتَ تَسْبِغَةِ الْبَيْضَةِ، وَفَوْقَ الدِّرْعِ، فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ كَبِيرُ دَمٍ، وَاحْتَقَنَ الدَّمُ فِي جَوْفِهِ، فَجَعَلَ يَخُورُ كَمَا يَخُورُ الثَّوْرُ، فَأَقْبَلَ أَصْحَابُهُ، حَتَّى احْتَمَلُوهُ وَهُوَ يَخُورُ، وَقَالُوا: مَا هَذَا؟ فَوَاللهِ مَا بِكَ إِلاَّ خَدْشٌ، فَقَالَ: وَاللهِ لَوْ لَمْ يُصِبْنِي إِلاَّ بِرِيقِهِ لَقَتَلَنِي، أَلَيْسَ قَدْ قَالَ: أَنَا أَقْتُلُهُ، إِنْ شَاءَ اللهُ، وَاللهِ لَوْ كَانَ الَّذِي بِي بِأَهْلِ الْحِجَازِ لَقَتَلَهُمْ، قَالَ: فَمَا لَبِثَ إِلاَّ يَوْمًا، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، حَتَّى مَاتَ إِلَى النَّارِ، فَأَنْزَلَ اللهُ فِيهِ: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ} إِلَى قَوْلِهِ: {الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً}.
الصفحة 31