كتاب المصنف لعبد الرزاق الصنعاني - ط التأصيل (اسم الجزء: 5)
7- وَقْعَةُ أُحُدٍ.
10472- عبد الرزاق، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي حَدِيثِهِ، عَن عُرْوَةَ قَالَ: كَانَتْ وَقْعَةُ أُحُدٍ فِي شَوَّالٍ عَلَى رَأْسِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْعَةِ بَنِي النَّضِيرِ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ، عَن عُرْوَةَ فِي قَوْلِهِ: {وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ} إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ حِينَ غَزَا أَبو سُفْيَانَ وَكُفَّارُ قُرَيْشٍ: إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنِّي لَبِسْتُ دِرْعًا حَصِينَةً، فَأَوَّلْتُهَا المَدِينَةَ، فَاجْلِسُوا فِي ضَيْعَتِكُمْ، وَقَاتِلُوا مِنْ وَرَائِهَا، وَكَانَتِ المَدِينَةُ قَدْ شُبِّكَتْ بِالْبُنْيَانِ فَهِيَ كَالْحِصْنِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِمَّنْ لَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا: يَا رَسُولَ اللهِ، اخْرُجْ بِنَا إِلَيْهِمْ فَلْنُقَاتِلْهُمْ، وَقَالَ عَبدُ اللهِ بن أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ:
نَعَمْ وَاللهِ يَا نَبِيَّ اللهِ مَا رَأَيْتُ، إِنَّا وَاللهِ مَا نَزَلَ بِنَا عَدُوُّ قَطُّ، فَخَرَجْنَا إِلَيْهِ، فَأَصَابَ فِينَا، وَلاَ ثَبَتْنَا فِي المَدِينَةِ، وَقَاتَلْنَا مِنْ وَرَائِهَا، إِلاَّ هَزَمْنَا عَدُوُّنَا، فَكَلَّمَهُ أُنَاسٌ مِنَ المُسْلِمِينَ، فَقَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، اخْرُجْ بِنَا إِلَيْهِمْ، فَدَعَا بِلأْمَتِهِ فَلَبِسَهَا، ثُمَّ قَالَ: مَا أَظُنُّ الصَّرْعَى إِلاَّ سَتَكْثُرُ مِنْكُمْ وَمِنْهُمْ، إِنِّي أَرَى فِي النَّوْمِ مَنْحُورَةً، فَأَقُولُ: بَقَرٌ، وَاللهِ بِخَيْرٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي فَاجْلِسْ بِنَا، فَقَالَ: إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ إِذَا لَبِسَ لأْمَتَهُ أَنْ يَضَعَهَا حَتَّى يَلْقَى النَّاسَ،
فَهَلْ مِنْ رَجُلٍ يَدُلُّنَا الطَّرِيقَ، فَيُخْرِجُنَا عَلَى الْقَوْمِ مِنْ كَثَبٍ؟ فَانْطَلَقَتْ بِهِ الأَدِلاَّءُ بَيْنَ يَدَيْهِ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالوَاسِطِ مِنَ الْجَبَّانَةِ، انْخَزَلَ عَبدُ اللهِ بن أُبَيٍّ بِثُلُثِ الْجَيْشِ، أَوْ قَرِيبٍ مِنْ ثُلُثِ الْجَيْشِ، فَانْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى لَقُوهُمْ بِأُحُدٍ وَصَافُّوهُمْ، وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهِدَ إِلَى أَصْحَابِهِ إِنْ هُمْ هَزَمُوهُمْ، أَنْ لاَ يَدْخُلُوا لَهُمْ عَسْكَرًا، وَلاَ يَتْبَعُوهُمْ، فَلَمَّا الْتَقَوْا هَزَمُوا، وَعَصَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَنَازَعُوا، وَاخْتَلَفُوا، ثُمَّ صَرَفَهُمُ اللهُ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيهِمْ، كَمَا قَالَ اللهُ، وَأَقْبَلَ المُشْرِكُونَ وَعَلَى خَيْلِهِمْ خَالِدُ بن الْوَلِيدِ بْنِ المُغِيرَةِ، فَقَتَلَ مِنَ المُسْلِمِينَ سَبْعِينَ رَجُلاً، وَأَصَابَهُمْ جِرَاحٌ شَدِيدَةٌ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدَمِيَ وَجْهُهُ، حَتَّى صَاحَ الشَّيْطَانُ بِأَعْلَى صَوْتَهِ، قُتِلَ مُحَمَّدٌ، قَالَ كَعْبُ بن مَالِكٍ: فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ عَرَفَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَرَفْتُ عَيْنَيْهِ مِنْ وَرَاءِ المِغْفَرِ، فَنَادَيْتُ بِصَوْتِي الأَعْلَى: هَذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَشَارَ إِلَيَّ أَنِ اسْكُتْ، وَكَفَّ اللهُ المُشْرِكِينَ،
الصفحة 36