كتاب المصنف لعبد الرزاق الصنعاني - ط التأصيل (اسم الجزء: 5)
8- وَقْعَةُ الأَحْزَابِ وَبَنِي قُرَيْظَةَ.
10474- عبد الرزاق: ثُمَّ كَانَتْ وَقْعَةُ الأَحْزَابِ بَعْدَ وَقْعَةِ أُحُدٍ بِسَنَتَيْنِ، وَذَلِكَ يَوْمُ الْخَنْدَقِ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَانِبَ المَدِينَةِ، وَرَأْسُ المُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ أَبو سُفْيَانَ، فَحَاصَرَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، حَتَّى خَلُصَ إِلَى كُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمُ الْكَرْبُ، وَحَتَّى قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَخْبَرَنِي ابْنُ المُسَيَّبِ: اللهُمَّ إِنِّي أُنْشِدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللهُمَّ إِنَّكَ إِنْ تَشَأْ أَنْ لاَ تُعْبَدَ، فَبَيْنَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ، أَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنِ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيِّ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ رَأْسُ المُشْرِكِينَ مِنْ غَطَفَانَ، وَهُوَ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ: أَرَأَيْتَ إِنْ جَعَلْتُ لَكَ ثُلُثَ ثَمَرِ الأَنْصَارِ أَتَرْجِعُ بِمَنْ مَعَكَ مِنْ غَطَفَانَ؟ وَتُخَذِّلُ بَيْنَ الأَحْزَابِ؟ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عُيَيْنَةُ: إِنْ جَعَلْتَ لِي الشَّطْرَ فَعَلْتُ، فَأَرْسَلَ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَهُوَ سَيِّدُ الأَوْسِ، وَإِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ، فَقَالَ لَهُمَا: إِنَّ عُيَيْنَةَ بن حِصْنٍ قَدْ سَأَلَنِي نِصْفَ ثَمَرِكُمَا عَلَى أَنْ يَنْصَرِفَ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ غَطَفَانَ، وَيُخَذِّلَ بَيْنَ الأَحْزَابِ،
وَإِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُهُ الثُّلُثَ، فَأَبَى إِلاَّ الشَّطْرَ، فَمَاذَا تَرَيَانِ؟ قَالاَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ كُنْتَ أُمِرْتَ بِشَيْءٍ فَامْضِ لأَمْرِ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ كُنْتُ أُمِرْتُ بِشَيْءٍ لَمْ أَسْتَأمِرْكُمَا، وَلَكِنْ هَذَا رَأْيِي أَعْرِضُهُ عَلَيْكُمَا، قَالاَ: فَإِنَّا لاَ نَرَى أَنْ نُعْطِيَهُ إِلاَّ السَّيْفَ، قَالَ: فَنِعْمَ إِذًا.
قَالَ مَعْمَرٌ: فَأَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ أَنَّهُمَا قَالاَ لَهُ: وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، لَقَدْ كَانَ أَفَالآنَ حِينَ جَاءَ اللهُ بِالإِسْلاَمِ نُعْطِيهِمْ ذَلِكَ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَنِعْمَ إِذًا.
قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ، عَنِ ابْنِ المُسَيَّبِ: فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ جَاءَهُمْ نُعَيْمُ بن مَسْعُودٍ الأَشْجَعِيُّ، وَكَانَ يَأْمَنُهُ الْفَرِيقَانِ، كَانَ مُوادِعًا لَهُمَا، فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ عِنْدَ عُيَيْنَةَ، وَأَبِي سُفْيَانَ إِذْ جَاءَهُمْ رَسُولُ بَنِي قُرَيْظَةَ: أَنِ اثْبُتُوا، فَإِنَّا سَنُخَالِفُ المُسْلِمِينَ إِلَى بَيْضَتِهِمْ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَلَعَلَّنَا أَمَرْنَاهُمْ بِذَلِكَ، وَكَانَ نُعَيْمٌ رَجُلاً لاَ يَكْتُمُ الْحَدِيثَ، فَقَامَ يكلمه (1) النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَهُ عُمَرُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ كَانَ هَذَا الأَمْرُ مِنَ اللهِ فَأَمْضِهِ، وَإِنْ كَانَ رَأَيًا مِنْكَ، فَإِنَّ شَأْنَ قُرَيْشٍ وَبَنِي قُرَيْظَةَ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ يَكُونَ لأَحَدٍ عَلَيْكَ فِيهِ مَقَالٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلَيَّ الرَّجُلَ رُدُّوهُ، فَرَدُّوهُ فَقَالَ: انْظُرِ الَّذِي ذَكَرْنَا لَكَ، فَلاَ تَذْكُرْهُ لأَحَدٍ، فَإِنَّمَا أَغْرَاهُ، فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى عُيَيْنَةَ وَأَبَا سُفْيَانَ فَقَالَ: هَلْ سَمِعْتُمْ مِنْ مُحَمَّدٍ يَقُولُ قَوْلاً إِلاَّ كَانَ حَقًّا؟ قَالاَ: لاَ، قَالَ: فَإِنِّي لَمَّا ذَكَرْتُ لَهُ شَأْنَ قُرَيْظَةَ
_حاشية__________
(1) هكذا في طبعة دار الكتب العلمية. وفي طبعتي دار التأصيل، والمكتب الإسلامي: «بكلمة».
الصفحة 38