كتاب المصنف لعبد الرزاق الصنعاني - ط التأصيل (اسم الجزء: 5)

10- غَزْوَةُ الْفَتْحِ.
10476- عبد الرزاق، عَنْ مَعْمَرٍ، عَن عُثْمَانَ الْجَزَرِيِّ، عَن مِقْسَمٍ، قَالَ مَعْمَرٌ: وَكَانَ يُقَالُ لِعُثْمَانَ الْجَزَرِيِّ: المُشَاهِدَ، عَن مِقْسَمٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَتِ المُدَّةُ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَكَانَتْ سِنِينَ، ذَكَرَ أَنَّهَا كَانَتْ حَرْبٌ بَيْنَ بَنِي بَكْرٍ وَهُمْ حُلَفَاءُ قُرَيْشٍ، وَبَيْنَ خُزَاعَةَ، وَهُمْ حُلَفَاءُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَعَانَتْ قُرَيْشٌ حُلَفَاءَهَا عَلَى خُزَاعَةَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لأَمْنَعَنَّهُمْ مِمَّا أَمْنَعُ مِنْهُ نَفْسِي وَأَهْلِ بَيْتِي، وَأَخَذَ فِي الْجِهَازِ إِلَيْهِمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا، فَقَالُوا لأَبِي سُفْيَانَ: مَا تَصْنَعُ وَهَذِهِ الْجُيُوشُ تُجَهَّزُ إِلَيْنَا؟ انْطَلِقْ، فَجَدِّدْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ كِتَابًا، وَذَلِكَ مَقْدَمُهُ مِنَ الشَّامِ، فَخَرَجَ أَبو سُفْيَانَ، حَتَّى قَدِمَ المَدِينَةَ، فَكَلَّمَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: هَلُمَّ فَلْنُجَدِّدْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كِتَابًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَنَحْنُ عَلَى أَمْرِنَا الَّذِي كَانَ،
وَهَلْ أَحْدَثْتُمْ مِنْ حَدَثٍ؟ فَقَالَ أَبو سُفْيَانَ: لاَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَنَحْنُ عَلَى أَمْرِنَا الَّذِي كَانَ بَيْنَنَا، فَجَاءَ عَلِيَّ بن أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: هَلْ لَكَ عَلَى أَنْ تَسُودَ الْعَرَبَ، وَتَمُنَّ عَلَى قَوْمِكَ فَتُجِيرَهُمْ، وَتُجَدِّدَ لَهُمْ كِتَابًا؟ فَقَالَ: مَا كُنْتُ لأَفْتَاتَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَمْرٍ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى فَاطِمَةَ، فَقَالَ: هَلْ لَكِ أَنْ تَكُونِي خَيْرَ سَخْلَةٍ فِي الْعَرَبِ؟ أَنْ تُجِيرِي بَيْنَ النَّاسِ، فَقَدْ أَجَارَتْ أُخْتُكِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوْجَهَا أَبَا الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَلَمْ يُغَيِّرْ ذَلِكَ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: مَا كُنْتُ لأَفْتَاتَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَمْرٍ، ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ: أَجِيرَا بَيْنَ النَّاسِ، قُولاَ: نَعَمْ، فَلَمْ يَقُولاَ شَيْئًا، وَنَظَرَا إِلَى أُمِّهِمَا، وَقَالاَ: نَقُولُ مَا قَالَتْ أَمُّنَا، فَلَمْ يَنْجَحْ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا طَلَبَ، فَخَرَجَ، حَتَّى قَدِمَ عَلَى قُرَيْشٍ، فَقَالُوا: مَاذَا جِئْتَ بِهِ؟ قَالَ: جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ قَوْمٍ قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبٍ وَاحِدٍ، وَاللهِ مَا تَرَكْتُ مِنْهُمْ صَغِيرًا، وَلاَ كَبِيرًا، وَلاَ أُنْثَى، وَلاَ ذَكْرًا، إِلاَّ كَلَّمْتُهُ، فَلَمْ أَنْجَحْ مِنْهُمْ شَيْئًا، قَالُوا: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، ارْجِعْ فَرَجَعَ، وَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ قُرَيْشًا، حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَاسٍ مِنَ الأَنْصَارِ: انْظُرُوا أَبَا سُفْيَانَ، فَإِنَّكُمْ سَتَجِدُونَهُ، فَنَظَرُوهُ، فَوَجَدُوهُ، فَلَمَّا دَخَلَ الْعَسْكَرَ، جَعَلَ المُسْلِمُونَ يَجَئُونَهُ، وَيُسْرِعُونَ إِلَيْهِ،

الصفحة 43