كتاب المصنف لعبد الرزاق الصنعاني - ط التأصيل (اسم الجزء: 5)

يَمْشِي فِي المُسْلِمِينَ وَيَقُولُ: مَنْ يَدُلُّنِي عَلَى رَحْلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ؟ فَمَشَيْتُ، أَوْ قَالَ: فَسَعَيْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنَا غُلاَمٌ مُحْتَلِمٌ، أَقُولُ: مَنْ يَدُلُّ عَلَى رَحْلِ خَالِدِ؟ حَتَّى دُلِلْنَا عَلَيْهِ، فَإِذَا خَالِدٌ مُسْتَنِدٌ إِلَى مُؤْخِرَةِ رَحْلِهِ، فَأَتَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَظَرَ إِلَى جُرْحِهِ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَأَخْبَرَنِي سَعيدُ بن المُسَيَّبِ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَى يَوْمَئِذٍ سِتَّةَ آلآفِ سَبْيٍ مِنِ امْرَأَةٍ وَغُلاَمٍ، فَجَعَلَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا سُفْيَانَ بن حَرْبٍ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بن الزُّبَيْرِ، قَالَ: لَمَّا رَجَعَتْ هَوَازِنُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: أَنْتَ أَبَرُّ النَّاسِ، وَأَوْصَلُهُمْ، وَقَدْ سُبِيَ مَوَالِينَا، وَنِسَاؤُنَا، وَأُخِذَتْ أَمْوَالُنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِكُمْ، وَمَعِي مَنْ تَرَوْنَ، وَأَحَبُّ الْقَوْلِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، إِمَّا المَالُ، وَإِمَّا السَّبْيُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَمَّا إِذَا خَيَّرْتَنَا بَيْنَ المَالِ وَبَيْنَ الْحَسَبِ، فَإِنَّا نَخْتَارُ الْحَسَبَ، أَوْ قَالَ: مَا كُنَّا نَعْدِلُ بِالْحَسَبِ شَيْئًا، فَاخْتَارُوا نِسَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَطَبَ فِي المُسْلِمِينَ، فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ هَؤُلاَءِ قَدْ جَاؤُوا مُسْلِمِينَ، أَوْ مُسْتَسْلِمِينَ، وَإِنَّا قَدْ خَيَّرْنَاهُمْ بَيْنَ الذَّرَارِيِّ وَالأَمْوَالِ، فَلَمْ يَعْدِلُوا بِالأَحْسَابِ، وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ تَرُدُّوا لَهُمْ أَبْنَاءَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكْتُبَ عَلَيْنَا حِصَّتَهُ مِنْ ذَلِكَ،

الصفحة 47