كتاب المصنف لعبد الرزاق الصنعاني - ط التأصيل (اسم الجزء: 5)
وَيَقُولُ:
اللهُمَّ إِنَّ الأَجْرَ أَجْرُ الآخِرَةِ ... فَارْحَمِ الأَنْصَارَ وَالمُهَاجِرَةِ
يَتَمَثَّلُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِعْرِ رَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ لَمْ يُسَمَّ لِي، وَلَمْ يَبْلُغْنِي فِي الأَحَادِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَثَّلَ بِبَيْتٍ قَطُّ مِنْ شِعْرٍ تَامٍّ، غَيْرِ هَؤُلاَءِ الأَبْيَاتِ، وَلَكِنْ كَانَ يُرْجِزُهُمْ لِبِنَاءِ المَسْجِدِ.
فَلَمَّا قَاتَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، حَالَتِ الْحَرْبُ بَيْنَ مُهَاجِرَةِ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَبَيْنَ الْقُدُومِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى لَقَوْهُ بِالمَدِينَةِ زَمَنَ الْخَنْدَقِ، فَكَانَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ تُحَدِّثُ، أَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ كَانَ يُعَيِّرُهُمْ بِالمُكْثِ فِي أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ، زَعَمَتْ أَسْمَاءُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَسْتُمْ كَذَلِكَ، وَكَانَ أَوَّلَ آيَةٍ أُنْزِلَتْ فِي الْقِتَالِ: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}.
13- حَدِيثُ الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا.
10486- عبد الرزاق، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبدُ الرَّحْمَنِ بن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ غَزَاهَا، حَتَّى كَانَتْ غَزْوَةُ تَبُوكَ، إِلاَّ بَدْرًا، وَلَمْ يُعَاتِبِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا تَخَلَّفَ عَن بَدْرٍ، إِنَّمَا خَرَجَ يُرِيدُ الْعِيرَ، فَخَرَجَتْ قُرَيْشٌ مُغَوِّثِينَ لِعِيرِهِمْ، فَالْتَقَوْا عَن غَيْرِ مَوْعِدٍ، كَمَا قَالَ اللهُ، وَلَعَمْرِي إِنَّ أَشْرَفَ مَشَاهِدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ لَبَدْرٌ، وَمَا أُحِبُّ أَنِّي كُنْتُ شَهِدْتُ مَكَانَ بَيْعَتِي لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ حَيْثُ تَوَاثَقْنَا عَلَى الإِسْلاَمِ، ثُمَّ لَمْ أَتَخَلَّفْ بَعْدُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ غَزَاهَا، حَتَّى كَانَتْ غَزْوَةُ تَبُوكَ، وَهِيَ آخِرُ غَزْوَةٍ غَزَاهَا، وَآذِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ بِالرَّحِيلِ وَأَرَادَ أَنْ يَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهِمْ، وَذَلِكَ حِينَ طَابَ الظِّلاَلُ، وَطَابَتِ الثِّمَارُ،
الصفحة 58