كتاب المصنف لعبد الرزاق الصنعاني - ط التأصيل (اسم الجزء: 5)

10488- قَالَ مَعْمَرٌ: فَأَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، قَالَ: كَانَ أَبو لُبَابَةَ مِمَّنْ تَخَلَّفَ عَن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَرَبَطَ نَفْسَهُ بِسَارِيَةٍ، ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ لاَ أَحُلُّ نَفْسِي مِنْهَا، وَلاَ أَذُوقُ طَعَامًا وَلاَ شَرَابًا، حَتَّى أَمُوتَ، أَوْ يَتُوبَ اللهُ عَلَيَّ، فَمَكَثَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ لاَ يَذُوقُ فِيهَا طَعَامًا وَلاَ شَرَابًا، حَتَّى كَانَ يَخِرُّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، قَالَ: ثُمَّ تَابَ اللهُ عَلَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ تِيبَ عَلَيْكَ يَا أَبَا لُبَابَةَ، فَقَالَ: وَاللهِ لاَ أَحُلُّ نَفْسِي حَتَّى يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحُلُّنِي بِيَدِهِ، قَالَ: فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَلَّهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ أَبو لُبَابَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَهْجُرَ دَارَ قَوْمِي الَّتِي أَصَبْتُ فِيهَا الذَّنْبَ، وَأَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي كُلِّهِ صَدَقَةً إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، قَالَ: يُجْزِيكَ الثُّلُثَ يَا أَبَا لُبَابَةَ.
10489- عبد الرزاق، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ (1) كَعْبُ بن مَالِكٍ، قَالَ: أَوَّلُ أَمْرٍ عُتِبَ عَلَى أَبِي لُبَابَةَ، أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَتِيمٍ عِذْقٌ، فَاخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَضَى بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَبِي لُبَابَةَ، فَبَكَى الْيَتِيمُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دَعْهُ لَهُ، فَأَبَى، قَالَ: فَأَعْطِهِ إِيَّاهُ وَلَكَ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ، فَأَبَى، فَانْطَلَقَ ابْنُ الدَّحْدَاحَةِ، فَقَالَ لأَبِي لُبَابَةَ: بِعْنِي هَذَا الْعِذْقَ بِحَدِيقَتَيْنِ، قَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ أَعْطَيْتُ هَذَا الْيَتِيمَ هَذَا الْعِذْقَ أَلِي مِثْلُهُ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، قَالَ: فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: كَمْ مِنْ عِذْقٍ مُدْلِكٍ لاِبْنِ الدَّحْدَاحَةِ فِي الْجَنَّةِ، قَالَ: وَأَشَارَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ حِينَ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ، فَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ الذَّبْحَ، وَتَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، ثُمَّ تَابَ اللهُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ.
_حاشية__________
(1) قوله: «ابن» سقط من طبعتي المكتب الإسلامي، ودار الكتب العلمية، وجاء على الصواب في طبعة دار التأصيل، حيث صوبه محققوه عن «الآحاد والمثاني» لابن أبي عاصم (1901)، إذ أخرجه من طريق عَبد الرزَّاق.

الصفحة 64