كتاب المصنف لعبد الرزاق الصنعاني - ط التأصيل (اسم الجزء: 5)
18- حَدِيثُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ.
10495- عبد الرزاق، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بن شَرُوسٍ، عَن وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ حَوَارِيِّ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ إِلَى مَدِينَةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ، فَأَرَادَ أَنْ يَدْخُلَهَا، فَقِيلَ: إِنَّ عَلَى بَابِهَا صَنَمًا لاَ يَدْخُلُهَا أَحَدٌ إِلاَّ سَجَدَ لَهُ، فَكَرِهَ أَنْ يَدْخُلَهُ، فَأَتَى حَمَّامًا، فَكَانَ قَرِيبًا مِنْ تِلْكَ المَدِينَةِ، وَكَانَ يَعْمَلُ فِيهِ، يُواجِرُ نَفْسَهُ مِنْ صَاحِبِ الْحَمَّامِ، وَرَأَى صَاحِبُ الْحَمَّامِ فِي حَمَّامِهِ الْبَرَكَةَ وَالرِّفْقَ، وَفَوَّضَ إِلَيْهِ، وَجَعَلَ يَسْتَرْسِلُ إِلَيْهِ، وَعَلِقَهُ فِتْيَةٌ مِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ، فَجَعَلَ يُخْبِرُهُمْ عَن خَبَرِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، وَخَبَرِ الآخِرَةِ، حَتَّى آمَنُوا بِهِ، وَصَدَّقُوهُ، وَكَانُوا عَلَى مِثْلِ حَالِهِ فِي حُسْنِ الْهَيْئَةِ، وَكَانَ يَشْتَرِطُ عَلَى صَاحِبِ الْحَمَّامِ أَنَّ اللَّيْلَ لِي، وَلاَ تَحَولُ بَيْنِي وَبَيْنَ الصَّلاَةِ إِذَا حَضَرَتْ، حَتَّى جَاءَ ابْنُ المَلِكِ بِامْرَأَةٍ يَدْخُلُ بِهَا الْحَمَّامَ، فَعَيَّرَهُ الْحَوَارِيُّ، فَقَالَ: أَنْتَ ابْنُ المَلِكِ، وَتَدْخُلُ مَعَكَ هَذِهِ الْكَذَا وَكَذَا، فَاسْتَحْيَى، فَذَهَبَ فَرَجَعَ مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ قَوْلِهِ، فَسَبَّهُ وَانْتَهَرَهُ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ حَتَّى دَخَلَ،
وَدَخَلَتْ مَعَهُ المَرْأَةُ، فَبَاتَا فِي الْحَمَّامِ، فَمَاتَا فِيهِ، فَأَتَى المَلِكُ، فَقِيلَ: قَتَلَ ابْنَكَ صَاحِبُ الْحَمَّامِ، فَالْتُمِسَ، فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِ، وَهَرَبَ، فَقَالَ: مَنْ كَانَ يَصْحَبُهُ، فَسَمُّوا الْفِتْيَةَ، فَخَرَجُوا مِنَ المَدِينَةِ، فَمَرُّوا بِصَاحِبٍ لَهُمْ فِي زَرْعٍ لَهُ، وَهُوَ عَلَى مِثْلِ أَمْرِهِمْ، فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّهُمُ الْتُمِسُوا، فَانْطَلَقَ مَعَهُمْ وَمَعَهُ كَلْبٌ، حَتَّى أَوَاهُمُ اللَّيْلُ إِلَى كَهْفٍ، فَدَخَلُوا فِيهِ، فَقَالُوا: نَبِيتُ هَاهُنَا اللَّيْلَةَ، ثُمَّ نُصْبِحُ إِنْ شَاءَ اللهُ، ثُمَّ تَرَوْنَ رَأْيَكُمْ، قَالَ: فَضُرِبَ عَلَى آذَانِهِمْ، فَخَرَجَ المَلِكُ بِأَصْحَابِهِ يَتْبَعُونَهُمْ، حَتَّى وَجَدُوهُمْ، فَدَخَلُوا الْكَهْفَ، فَكُلَّمَا أَرَادَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ أَنْ يَدْخُلَ أُرْعِبَ، فَلَمْ يُطِقْ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: أَلَسْتَ قُلْتَ: لَوْ كُنْتُ قَدَرْتُ عَلَيْهِمْ قَتَلَتُهُمْ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَابْنِ عَلَيْهِمْ بَابَ الْكَهْفِ، وَدَعْهُمْ يَمُوتُوا عِطَاشًا وَجُوعًا، فَفَعَلَ، ثُمَّ غَبَرُوا زَمَانًا، ثُمَّ إِنَّ رَاعِي غَنْمٍ أَدْرَكَهُ المَطَرُ عِنْدَ الْكَهْفِ، فَقَالَ: لَوْ فَتَحْتُ هَذَا الْكَهْفَ، وَأَدْخَلْتُ غَنَمِي مِنَ المَطَرِ، فَلَمْ يَزَلْ يُعَالِجُهُ، حَتَّى فَتَحَ لِغَنَمِهِ، فَأَدْخَلَهَا فِيهِ، وَرَدَّ اللهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ مِنَ الْغَدِ، حِينَ أَصْبَحُوا،
الصفحة 75