كتاب المصنف لعبد الرزاق الصنعاني - ط التأصيل (اسم الجزء: 5)

10505- قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي أَنَسُ بن مَالِكٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الاِثْنَيْنِ، كَشَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتْرَ الْحُجْرَةِ، فَرَأَى أَبَا بَكْرٍ وَهُوَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَى وَجْهِهِ، كَأَنَّهُ وَرَقَةُ مُصْحَفٍ، وَهُوَ يَبْتَسِمُ، قَالَ: وَكِدْنَا أَنْ نَفْتَتِنَ فِي صَلاَتِنَا فَرَحًا بِرُؤْيَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا أَبو بَكْرٍ دَارَ يَنْكُصُ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ كَمَا أَنْتَ، ثُمَّ أَرْخَى السِّتْرَ، فَقُبِضَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ، وَقَامَ عُمَرُ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَمُتْ، وَلَكِنْ رَبَّهُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ كَمَا أَرْسَلَ إِلَى مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً عَنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةٍ، وَاللهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَعِيشَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى يَقْطَعَ أَيْدِي رِجَالٍ مِنَ المُنَافِقِينَ، وَأَلْسِنَتَهُمْ يَزْعُمُونَ، أَوْ قَالَ: يَقُولُونَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مَاتَ.
10506 - قَالَ مَعْمَرٌ: وَأَخْبَرَنِي أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: قَالَ الْعَبَّاسُ بن عَبدِ المُطَّلِبِ: وَاللهِ لأَعْلَمَنَّ مَا بَقَاءُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِينَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوِ اتَّخَذْتَ شَيْئًا تَجْلِسُ عَلَيْهِ، يَدْفَعُ عَنْكَ الْغُبَارَ، وَيَرُدُّ عَنْكَ الْخَصْمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لأَدَعَنَّهُمْ يُنَازِعُونِي رِدَائِي، وَيَطَؤُونَ عَقِبِي، وَيَغْشَانِي غُبَارُهُمْ، حَتَّى يَكُونَ اللهُ يُرِيحُنِي مِنْهُمْ، فَعَلِمْتُ أَنَّ بَقَاءَهُ فِينَا قَلِيلٌ.
قَالَ: فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عُمَرُ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَمُتْ، وَلَكِنْ صَعِقَ كَمَا صَعِقَ مُوسَى، وَاللهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَعِيشَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَقْطَعَ أَيْدِي رِجَالٍ وَأَلْسِنَتَهُمْ مِنَ المُنَافِقِينَ، يَقُولُونَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مَاتَ، فَقَامَ الْعَبَّاسُ بن عَبدِ المُطَّلِبِ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، هَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ عَهْدٌ، أَوْ عَقْدٌ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالُوا: اللهُمَّ لاَ، قَالَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَمُتْ حَتَّى وَصَلَ الْحِبَالَ، ثُمَّ حَارَبَ، وَوَاصَلَ، وَسَالَمَ، وَنَكَحَ النِّسَاءَ، وَطَلَّقَ، وَتَرَكَكُمْ عَن حُجَّةٍ بَيِّنَةٍ، وَطَرِيقٍ نَاهِجَةٍ، فَإِنْ يَكُ مَا يَقُولُ (1) ابْنُ الْخَطَّابِ حَقًّا، فَإِنَّهُ لَنْ يُعْجِزَ اللهَ أَنْ يَحْثُو عَنْهُ، فَيُخْرِجُهُ إِلَيْنَا، وَإِلاَّ فَخَلِّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ صَاحِبِنَا، فَإِنَّهُ يَأْسَنُ كَمَا يَأْسَنُ النَّاسُ.
_حاشية__________
(1) هكذا في طبعتي دار التأصيل، والمكتب الإسلامي. وفي طبعة دار الكتب العلمية: «تَقُولُ».

الصفحة 82