كتاب المصنف لعبد الرزاق الصنعاني - ط التأصيل (اسم الجزء: 5)
فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ عُبَيْدُ اللهِ لَيْلاً، حَتَّى لَحِقَ بِهِمْ، وَتَرَكَ جُنْدَهُ، الَّذِينَ هُوَ عَلَيْهِمْ، لاَ أَمِيرَ لَهُمْ، وَمَعَهُمْ قَيْسُ بن سَعْدٍ، فَأَمَّرَتْ شُرْطَةُ الْخَمْسِينَ قَيْسَ بن سَعْدٍ، وَتَعَاهَدُوا، وَتَعَاقَدُوا عَلَى قِتَالِ مُعَاوِيَةَ، وَعَمْرِو بنِ الْعَاصِ، حَتَّى يَشْتَرِطَ لِشِيعَةِ عَلِيٍّ وَلِمَنْ كَانَ اتَّبَعَهُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَدِمَائِهِمْ وَمَا أَصَابُوا مِنَ الْفِتْنَةِ، فَخَلَصَ مُعَاوِيَةُ حِينَ فَرَغَ مِنْ عُبَيْدِ اللهِ وَالْحَسَنِ إِلَى مُكَايَدَةِ رَجُلٍ هُوَ أَهَمُّ النَّاسِ عِنْدَهُ مَكِيدَةً، وَعِنْدَهُ أَرْبَعُونَ أَلْفًا، فَنَزَلَ بِهِمْ مُعَاوِيَةُ وَعَمْرٌو وَأَهْلُ الشَّامِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَيُرْسِلُ مُعَاوِيَةُ إِلَى قَيْسٍ وَيُذَكِّرُهُ اللهَ، وَيَقُولُ: عَلَى طَاعَةِ مَنْ تُقَاتِلُنِي؟ وَيَقُولُ: قَدْ بَايَعَنِي الَّذِي تُقَاتِلُ عَلَى طَاعَتِهِ، فَأَبَى قَيْسٌ أَنْ يَلِينَ لَهُ، حَتَّى أَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ بِسِجِلٍّ قَدْ خَتَمَ لَهُ فِي أَسْفَلِهِ، فَقَالَ: اكْتُبْ فِي هَذَا السِّجِلِّ، فَمَا كَتَبْتَ فَهُوَ لَكَ، فَقَالَ عَمْرٌو لِمُعَاوِيَةَ: لاَ تُعْطِهِ هَذَا وَقَاتِلْهُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ، وَكَانَ خَيْرَ الرَّجُلَيْنِ: عَلَى رِسْلِكَ يَا أَبَا عَبدِ اللهِ، فَإِنَّا لَنْ نَخْلُصَ إِلَى قَتَلِ هَؤُلاَءِ، حَتَّى يُقْتَلَ عَدَدُهُمْ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَمَا خَيْرُ الْحَيَاةِ بَعْدَ ذَلِكَ؟ وَإِنِّي وَاللهِ لاَ أُقَاتِلُهُ، حَتَّى لاَ أَجِدَ مِنْ ذَلِكَ بُدًّا، فَلَمَّا بَعَثَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ بِذَلِكَ السِّجِلَّ، اشْتَرَطَ قَيْسُ بن سَعْدٍ لِنَفْسِهِ وَلِشِيعَةِ عَلِيٍّ الأَمَانَ عَلَى مَا أَصَابُوا مِنَ الدِّمَاءِ وَالأَمْوَالِ، وَلَمْ يَسْأَلْ مُعَاوِيَةَ فِي ذَلِكَ مَالاً، فَأَعْطَاهُ مُعَاوِيَةُ مَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ، وَدَخَلَ قَيْسٌ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْجَمَاعَةِ.
الصفحة 99