كتاب تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن (اسم الجزء: 5)

قَالُوا «١» اتَّبَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ وَاطَّرَحُوا ... قَوْلَ الرَّسُولِ وَعَالُوا فِي الْمَوَازِينِ
أَيْ جَارُوا. وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ:
بِمِيزَانِ صِدْقٍ لَا يَغُلُّ «٢» شَعِيرَةً ... لَهُ شَاهِدٌ مِنْ نَفْسِهِ غَيْرُ عَائِلِ
يُرِيدُ غَيْرَ مَائِلٍ. وَقَالَ آخَرُ:
ثَلَاثَةُ أَنْفُسٍ وَثَلَاثُ ذَوْدٍ ... لَقَدْ عَالَ الزَّمَانُ عَلَى عِيَالِي «٣»
أَيْ جَارَ وَمَالَ. وَعَالَ الرَّجُلُ يَعِيلُ إِذَا افْتَقَرَ فَصَارَ عَالَةً. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً «٤»). وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَمَا يَدْرِي الْفَقِيرُ مَتَى غِنَاهُ ... وَمَا يَدْرِي الْغَنِيُّ مَتَى يَعِيلُ «٥»
وَهُوَ عَائِلٌ وَقَوْمٌ عَيْلَةٌ، وَالْعَيْلَةُ وَالْعَالَةُ الْفَاقَةُ، وَعَالَنِي الشَّيْءُ يَعُولُنِي إِذَا غَلَبَنِي وَثَقُلَ عَلَيَّ، وَعَالَ الْأَمْرُ اشْتَدَّ وَتَفَاقَمَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: (أَلَّا تَعُولُوا) أَلَّا تَكْثُرَ عِيَالُكُمْ. قَالَ الثَّعْلَبِيُّ: وَمَا قَالَ هَذَا غَيْرُهُ، وَإِنَّمَا يُقَالُ: أَعَالَ يُعِيلُ إِذَا كَثُرَ عِيَالُهُ. وَزَعَمَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَنَّ عَالَ عَلَى سَبْعَةِ مَعَانٍ لَا ثَامِنَ لَهَا، يُقَالُ: عَالَ مَالَ، الثَّانِي زَادَ، الثَّالِثُ جَارَ، الرَّابِعُ افْتَقَرَ، الْخَامِسُ أُثْقِلَ، حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ. قَالَتْ الْخَنْسَاءُ:
وَيَكْفِي الْعَشِيرَةَ «٦» مَا عَالَهَا

السَّادِسُ عَالَ قَامَ بِمَئُونَةِ الْعِيَالِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ). السَّابِعُ عَالَ غَلَبَ، وَمِنْهُ عِيلَ صَبْرُهُ «٧». أَيْ غُلِبَ. وَيُقَالُ: أَعَالَ الرَّجُلُ كَثُرَ عِيَالُهُ. وَأَمَّا عَالَ بِمَعْنَى كَثُرَ عِيَالُهُ فلا يصح.
---------------
(١). في اللسان مادة عول: انا تبعنا ... إلخ. [ ..... ]
(٢). في ج: يخيس. وفي ابن عطية رواية:
بميزان قسط لا يخيس شعيرة ... ووازن صدق وزنه غير عائل

(٣). البيت للحطيئة. وفية شاهد آخر، وهو تذكير الثلاثة والنفس مؤنثة لحملها على معنى الشخص وثلاث ذود: أنوق كان يقوم بها على عياله ففضلت له، في ب وى وط د: نحن ثلاثة. وهى رواية الأغاني ج ٢ ص ١٧٣.
(٤). راجع ج ٨ ص ١٠٦.
(٥). البيت لاحيحة بن الجلاح وبعده:
وما تدري إذا أزمعت أمرا ... بأي الأرض يدركك المقيل

(٦). في ديوانها:
وما كان أدنى ولكنه ... سيكفي العشيرة ما عالها

(٧). في ب وهـ: صبري.

الصفحة 21