كتاب البداية والنهاية ط الفكر (اسم الجزء: 5)
وَكَتَبْتُ إِلَى صَاحِبِكَ بِصَحِيفَةٍ فَأَمْسَكَهَا فَلَنْ يَزَالَ النَّاسُ يَجِدُونَ مِنْهُ بَأْسًا مَا دَامَ فِي الْعَيْشِ خَيْرٌ» قُلْتُ هَذِهِ إِحْدَى الثَّلَاثِ الَّتِي أَوْصَانِي بِهَا صَاحِبِي، فَأَخَذْتُ سَهْمًا مِنْ جَعْبَتِي فكتبته في جنب سَيْفِي ثُمَّ إِنَّهُ نَاوَلَ الصَّحِيفَةَ رَجُلًا عَنْ يَسَارِهِ قُلْتُ مَنْ صَاحِبُ كِتَابِكُمُ الَّذِي يَقْرَأُ لَكُمْ؟ قَالُوا مُعَاوِيَةُ فَإِذَا فِي كِتَابِ صَاحِبِي تدعوني الى جنة عرضها السموات وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ فَأَيْنَ النَّارَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «سُبْحَانَ اللَّهِ أَيْنَ اللَّيْلُ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ» قَالَ فَأَخَذْتُ سَهْمًا مِنْ جَعْبَتِي فَكَتَبْتُهُ فِي جِلْدِ سَيْفِي، فَلَمَّا أَنْ فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ كِتَابِي قَالَ «إن لك حقا وانك لرسول، فَلَوْ وَجَدْتُ عِنْدَنَا جَائِزَةً جَوَّزْنَاكَ بِهَا، إِنَّا سُفْرٌ مُرْمِلُونَ» قَالَ فَنَادَاهُ رَجُلٌ مِنْ طَائِفَةِ النَّاسِ قَالَ أَنَا أُجَوِّزُهُ، فَفَتَحَ رَحْلَهُ فَإِذَا هُوَ يَأْتِي بِحُلَّةٍ صَفُّورِيَّةٍ فَوَضَعَهَا فِي حِجْرِي، قُلْتُ مَنْ صَاحِبُ الْجَائِزَةِ؟ قِيلَ لِي عُثْمَانُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ «أَيُّكُمْ يُنْزِلُ هَذَا الرَّجُلَ؟» فَقَالَ فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ أَنَا، فَقَامَ الْأَنْصَارِيُّ وَقُمْتُ مَعَهُ حَتَّى إِذَا خَرَجْتُ مِنْ طَائِفَةِ الْمَجْلِسِ نَادَانِي رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ «تَعَالَ يا أخا تنوخ» فأقبلت أهوى حَتَّى كُنْتُ قَائِمًا فِي مَجْلِسِي الَّذِي كُنْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَحَلَّ حُبْوَتَهُ عَنْ ظَهْرِهِ وَقَالَ «ها هنا امْضِ لِمَا أُمِرْتَ بِهِ» فَجُلْتُ فِي ظَهْرِهِ فَإِذَا أَنَا بِخَاتَمٍ فِي مَوْضِعِ غُضُونِ الْكَتِفِ مثل الحمحمة [1] الضَّخْمَةِ. هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَإِسْنَادُهُ لَا بَأْسَ به تفرد به الامام احمد.
[2] مصالحته عليه السلام ملك أيلة وأهل جرباء وأذرح وهو مقيم عَلَى تَبُوكَ قَبْلَ رُجُوعِهِ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَلَمَّا انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى تَبُوكَ أَتَاهُ يُحَنَّةُ بْنُ رُؤْبَةَ صَاحِبُ أَيْلَةَ فَصَالَحَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعْطَاهُ الْجِزْيَةَ، وَأَتَاهُ أَهْلُ جَرْبَاءَ وأذرح وأعطوه الْجِزْيَةَ، وَكَتَبَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابًا فهو عندهم، وكتب لِيُحَنَّةَ بْنِ رُؤْبَةَ وَأَهْلِ أَيْلَةَ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذِهِ أَمَنَةٌ مِنَ اللَّهِ وَمُحَمَّدٍ النَّبِيِّ رَسُولِ اللَّهِ لِيُحَنَّةَ بْنِ رُؤْبَةَ وَأَهْلِ أَيْلَةَ سُفُنِهِمْ وَسَيَّارَتِهِمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ لَهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ وَمُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَمَنْ كَانَ مَعَهُمْ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَأَهْلِ الْيَمَنِ وَأَهْلِ الْبَحْرِ، فَمَنْ أَحْدَثَ مِنْهُمْ حَدَثًا فَإِنَّهُ لَا يَحُولُ مَالُهُ دُونَ نَفْسِهِ، وَإِنَّهُ طَيِّبٌ لِمَنْ أَخَذَهُ من الناس، وأنه لا يحل أن يمنعوا مَاءً يَرِدُونَهُ وَلَا طَرِيقًا يَرِدُونَهُ مِنْ بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ. زَادَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ بَعْدَ هَذَا، وَهَذَا كِتَابُ جُهَيْمِ بْنِ الصَّلْتِ وَشُرَحْبِيلَ بْنَ حَسَنَةَ بِإِذْنِ رَسُولِ اللَّهِ.
قَالَ يُونُسُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: وَكَتَبَ لِأَهْلِ جَرْبَاءَ وَأَذْرُحَ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، 1: 1 هذا كتاب
__________
[1] كذا في الأصلين، وفي التيمورية: مثل العجمة وليراجع.
[2] في التيمورية عنوانه: كتابه صلّى الله عليه وسلّم ليحنّة إلخ.
الصفحة 16