كتاب الخلافيات بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه ت النحال (اسم الجزء: 5)
شُرَيْحٍ أَنَّ مَيْسَرَةَ بْنَ يَزِيدَ ذَكَرَ لِي كَذَا وَكَذَا، وَأَنَّكَ قُلْتَ عِنْدَ ذَلِكَ: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ}. وَإِنَّمَا كَانَتْ تِلْكَ الْآيَةُ فِي شَأْنِ الْعَصَبَةِ؛ كَانَ الرَّجُلُ يُعَاقِدُ الرَّجُلَ فَيَقُولُ: تَرِثُنِي وَأَرِثُكَ، فَلَمَّا نَزَلَتْ تُرِكَ ذَلِكَ. قَالَ: فَجَاءَ مَيْسَرَةُ بْنُ يَزِيدَ بِالْكِتَابِ إِلَى شُرَيْحٍ، فَلَمَّا قَرَأَهُ أَبَى أَنْ يَرُدَّ قَضَاءَهُ، وَقَالَ: فَإِنَّهُ إِنَّمَا أَعْتَقَهَا حِيتَانُ بَطْنِهَا (¬1).
[3694] أخبرنا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أبنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ (¬2) أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) (¬3) كَانَ الرَّجُلُ يُحَالِفُ الرَّجُلَ لَيْسَ بَيْنَهُمَا نَسَبٌ، فَيَرِثُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، فَنَسَخَ ذَلِكَ الْأَنْفَالُ، فَقَالَ: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} (¬4).
[3695] وبإسناده عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا. . . وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا) (¬5) فَكَانَ الْأَعْرَابِيُّ لَا يَرِثُ الْمُهَاجِرِيَّ، وَلَا يَرِثُهُ الْمُهَاجِرِيُّ، فَنَسَخَتْهَا: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} (¬6).
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رحمه الله -: وَإِلَى مَعْنَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ - رضي الله عنه -، ثُمَّ قَالَ:
¬__________
(¬1) أخرجه الدارقطني في السنن (5/ 210).
(¬2) قرأ الكوفيون: "عقدت"، وقرأ باقي السبعة: "عاقدت". انظر الشاطبية وشروحها.
(¬3) سورة النساء (آية: 33).
(¬4) أخرجه أبو داود في السنن، رواية ابن داسة (ق/ 293).
(¬5) كذا في النسخ وأصل الرواية، إشارة إلى قوله تَعَالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا} سورة الأنفال (آية: 72).
(¬6) أخرجه أبو داود في السنن، رواية ابن داسة (ق/ 294).
الصفحة 147