كتاب الخلافيات بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه ت النحال (اسم الجزء: 5)

وَالزُّبَيْرُ - رضي الله عنهم - عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَسَمَ أَرَاضِيَ خَيْبَرَ - وَهِيَ مَا فَتَحَهُ عَنْوَةً (¬1) - بَيْنَ الْغَانِمِينَ، غَيْرَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُمَر - رضي الله عنه - أَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَ مَا غَنِمُوا مِنَ الْأَرَاضِي وَقْفًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَطَلَبَ مِنْهُمُ الرِّضَا بِمَا رَأَى، فَلَمَّا أَبَى عَلَيهِ بَعْضُهُمْ لَمْ يَجْبُرْهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَلَوْلَا أَنَّه عَلِمَ أَنَّ الْحُكْمَ اللَّازِمَ فِيمَا غَنِمُوا مِنَ الْأَرَاضِي مَا قَالُوا وَرَدُّوا فِي قَسْمِهِ لَجَبَرَهُمْ (¬2) [عَلَى] (¬3) مَا رَأَى مِنَ الْمَصْلَحَةِ، وَالَّذِي رُوِيَ عَنْ عُمَرَ فِي وَقْفِ السَّوَادِ، فَإِنَّمَا اسْتَطَابَ قُلُوبَ الْغَانِمِينَ بِرَدِّ تِلْكَ الْأَرَاضِي حَتَّى يَجْعَلَهَا وَقْفًا، وَمَنْ لَمْ يَرْضَ مِنْهُمْ عُوِّضَ مِنْ نَصِيبِهِ، وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ.
[3835] أخبرناه أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، ثنا أبو الْعَبَّاسِ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ؛ أَنَّ عُمَرَ أعْطَى بَجِيلَةَ (¬4) رُبُعَ السَّوَادِ فَأَخَذُوهُ سِنِينَ، ثُمَّ وَفَدَ جَرِيرٌ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ: لَوْلَا أَنَّي قَاسِمٌ مَسْئُولٌ (¬5) لَكُنْتُمْ عَلَى مَا قُسِمَ لَكُمْ، فَأَرَى أَنْ تَرُدَّهُ. فَرَدَّهُ وَأَجَازَهُ بِثَمَانِينَ دِينَارًا (¬6).
وَرَوَاهُ هُشيْمُ بْنُ بَشِيرٍ وَغَيْرُهُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ، وَزَادَ فِيهِ هُشَيْمٌ: أَنَّ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا: أُمُّ كُرْزٍ قَالَتْ: إِنَّ أَبِي شَهِدَ الْقَادِسِيَّةَ، وَثَبَتَ سَهْمُهُ، وَإِنِّي لَسْتُ أُسَلِّمُ
¬__________
(¬1) أي: قهرًا وغَلَبَةً.
(¬2) قوله: "قسمه لجبرهم" محله بياض في (م). و"جبره على الأمر" لغة تميم، وعامة العرب يقولون: أجبره. انظر لسان العرب (جبر).
(¬3) ما بين المعقوفين زيادة يستقيم بها السياق.
(¬4) في النسخ: "بحلية"، والمثبت من أصل الرواية.
(¬5) في النسخ: "مول"، والمثبت من المصدر السابق.
(¬6) أخرجه يحيى بن آدم في الخراج (ص 43).

الصفحة 246