كتاب الخلافيات بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه ت النحال (اسم الجزء: 5)
- صلى الله عليه وسلم - إِيَّاهُ حَقَّهُمْ مِنَ الْخُمُسِ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالى جَعَلَ لَهُمْ هَذَا السَّهْمَ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْقَاقِ، [إِذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْقَاقِ] (¬1) وَكَانَ ذَلِكَ مَوْكُولًا إِلَى رَأْيِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، يُعْطِيهِ مَنْ شَاءَ مِنْ قَرَابَتِهِ، ثُمَّ سَقَطَ حُكْمُهُ بِمَوْتِهِ كَمَا سَقَطَ حُكْمُ (¬2) سَهْمِ الصَّفِيِّ (¬3) - كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ مَنْ سَوَّى الْأَخْبَارَ عَلَى مَذْهَبِهِ - لَمَا اسْتَحَلَّ عَلِيٌّ - رضي الله عنه - أَخْذَ جَارِيَةٍ مِنْهُ وَالْوُقَوعَ عَلَيْهَا، وَلَمَا عَذَرَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي ذَلِكَ، وَلَمَا احْتَجَّ لَهُ بِأَنَّ لَهُ فِي الْخُمُسِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ.
وَالْعَجَبُ أَنَّ هَذَا الْقَائِلَ اسْتَدَلَّ فَقَالَ: لَوْ كَانَ هَذَا السَّهْمُ لَهُمْ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْقَاقِ، مَا جَازَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُعْطِيَ بَعْضًا دُونَ بَعْضٍ، وَلَمْ يُفَكِّرْ فِي نَفْسِهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - إنَّمَا [بُعِثَ] (¬4) مُبَيِّنًا لِأُمَّتِهِ مَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالى بِكِتَابِهِ عَامًّا أَوْ خَاصًّا.
وَلَيْسَ هَذَا أَوَّلَ عُمُومٍ وَرَدَ فِي الْكِتَابِ فَبَيَّنَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ خَاصٌّ دُونَ عَامٍّ.
ثُمَّ لَمْ يَقْتَصِرِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي هَذَا الْحُكْمِ عَلَى مُجَرَّدِ الْبَيَانِ حَتَّى ذَكَرَ عِلَّتَهُ، فَقَالَ مَا رُوِّينَا عَنْهُ فِي الْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ أَنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُوهُ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إِسْلَامٍ.
وَقَدْ أَعْطَى جَمِيعَ مَنْ أَخْبَرَ عَنِ اللَّهِ تَعَالى أَنَّهُمْ مُرَادُونَ بِذِي الْقُرْبَى، وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ، وَبَنُو الْمُطَّلِبِ، لَا نَعْلَمُ حَرَمَ (¬5) مِنْهُمْ أَحَدًا.
¬__________
(¬1) ما بين المعقوفين ليس في النسخ، والمثبت من معرفة السنن (9/ 275).
(¬2) في (م): "يسقط حكمه".
(¬3) الصفي: ما كان يأخذه رئيس الجيش ويختاره لنفسه من الغنيمة قبل القسمة. النهاية (صفا).
(¬4) ما بين المعقوفين ليس في النسخ، والمثبت من معرفة السنن (9/ 276) والمختصر.
(¬5) في النسخ: "أحرم"، والمثبت من المصادر السابقة.
الصفحة 291