كتاب الخلافيات بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه ت النحال (اسم الجزء: 5)

وَيَلْبَسُونَ بَعْضَهُ، وَهَذَا الْقَدَحُ كَانُوا يَشْرَبُونَ فِيهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ يَأْخُذُ مِنِّي بِدِرْهَمٍ؟ ". فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ؟ ". فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِاثْنَيْنِ. فَقَالَ: "هُمَا لَكَ". قَالَ: فَدَعَا الرَّجُلَ فَقَالَ: "اشْتَرِ بِدِرْهَمٍ فَأْسًا وَبِدِرْهَمٍ طَعَامًا لِأَهْلِكَ". قَالَ: فَفَعَلَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "انْطَلِقْ إِلَى هَذَا الْوَادِي فَلَا تَدَعْ حَاجًا (¬1) وَلَا شَوْكًا وَلَا حَطَبًا وَلَا تَأْتِنِي (¬2) خَمْسَةَ عَشَرَ (¬3) ". فَانْطَلَقَ، فَأَصَابَ عَشَرَةً. قَالَ: "فَانْطَلِقْ فَاشْتَرِ بِخَمْسَةٍ طَعَامًا لِأَهْلِكَ وَبِخَمْسَةٍ (¬4) كِسْوَةً لِأَهْلِكَ". فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ بَارَكَ اللَّهُ لِي فِيمَا أَمَرْتَنِي. فَقَالَ: "هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَجِيءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِي وَجْهِكَ نُكْتَةُ (¬5) الْمَسْأَلَةِ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِثَلَاثَةٍ: لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ، أَوْ غُرْمٍ مُفْظِعٍ (¬6)، أَوْ فَقْرٍ مُدْقِعٍ (¬7) " (¬8).
* * *
¬__________
(¬1) الحاج: ضَرْب من الشوك، والواحدة: حاجة.
(¬2) في النسخ: "تأتيني"، والمثبت من المصدر السابق وهو الجادة.
(¬3) أي: يوما.
(¬4) في (م): "فاشتر طعاما لأهلك بخمسة".
(¬5) النكتة: الأثر القليل كالنقطة.
(¬6) الغُرم: الدَّين، والمفظِع: الشديد الشنيع.
(¬7) فقر مُدقِع: أي شديد يُفْضِي بصاحبه إلى الدَّقْعاء؛ أي التُّراب، وقيل: هو سُوء احْتِمال الفَقْر.
(¬8) أخرجه الحارث بن أبي أسامة في المسند كما في بغية الباحث (1/ 403) من طريق عبد الوهاب بن عطاء.

الصفحة 302