كتاب الخلافيات بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه ت النحال (اسم الجزء: 5)
بِالْيَمَنِ - فِي الْجِزْيَةِ، وَأَنْ تُرَدَّ الصَّدَقَاتُ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، لَا أَنْ يَنْقُلَهَا إِلَى الْمُهَاجِرِينَ بِالْمَدِينَةِ الَّذِينَ أَكْثَرُهُمْ [أَهْلُ] (¬1) فَيْءٍ لَا أَهْلُ (¬2) صَدَقَةٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى الْجِزْيَةِ، وَقَدْ رُوِّينَا أَنَّهُ قَالَ: آخُذُهُ مِنْكُمْ مَكَانَ الذُّرَةِ وَالشَّعِيرِ، وَفِي رِوَايَةٍ: مَكَانَ الصَّدَقَةِ؟ .
قُلْنَا: أَمَّا قَوْلُهُ: مَكَانَ الصَّدَقَةِ، فَلَمْ يَحْفَظْهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَخَالَفَهُ مَنْ هُوَ أَحْفَظُ مِنْهُ، وَإِنْ ثَبَتَ مَحْمُولٌ عَلَى مَعْنَى مَا كَانَ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ بِاسْمِ الصَّدَقَةِ، كَبَنِي تَغْلِبَ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُعْطُونَ الْجِزْيَةَ بِاسْمِ الصَّدَقَاتِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: مَكَانَ الذُّرَةِ وَالشَّعِيرِ، فَلَعَلَّ مُعَاذًا - رضي الله عنه - لَوْ أَعْسَرُوا بِالدَّنَانِيرِ أَخَذَ مِنْهُمُ الشَّعِيرَ وَالْحِنْطَةَ، لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مَا عِنْدَهُمْ، وَإِذَا (¬3) جَازَ أَنْ يَتْرُكَ الدِّيَنارَ لِعَرْضٍ - وَهُوَ الْمَعَافِرِيُّ - فَلَعَلَّهُ جَازَ عِنْدَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ طَعَامًا فِي الْجِزْيَةِ، ثُمَّ يَقُولُ: الثِّيَابُ خَيْرٌ لِلْمُهَاجِرِينَ بِالْمَدِينَةِ، وَأَهْوَنُ عَلَيْكُمْ؛ لِأَنَّهُ لَا مُؤْنَةَ كَبِيرَةً فِي حَمْلِ الثِّيَابِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَالثِّيَابُ بِهَا (¬4) أَغْلَى مِنْهَا بِالْيَمَنِ، وَالْحِكَايَةُ حِكَايَةُ حَالٍ.
يُوَضِّحُ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ رَاوِيَهُ حَدَّثَنَا وَحَدَّثَكُمْ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ مِنْ حَدِيثِ طَاوُسٍ، وَلَوْ ثَبَتَ عَنْ مُعَاذٍ لِطَاوُسٍ أَنَّهُ قَضَى فِي نَقْلِ الصَّدَقَاتِ نَحْوَ مَذْهَبِكُمْ لَمَا خَالَفَهُ طَاوُسٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَمَعْلُومٌ مِنْ مَذْهَبِ طَاوُسٍ - رحمه الله - أَنَّهُ كَانَ لَا يُجِيزُ بَيْعَ الصَّدَقَاتِ، وَيَحْلِفُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ، لَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَا بَعْدَهُ.
¬__________
(¬1) ما بين المعقوفين ليس في النسخ، والمثبت من المصادر السابقة.
(¬2) في (م): "الأهل".
(¬3) في (م): "فإذا".
(¬4) قوله: "بها" ليس في (م).
الصفحة 330