كتاب الخلافيات بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه ت النحال (اسم الجزء: 5)

بِكِفَايَتِهِ (¬1)، وَيَكُونُ فِيهِ غِنَاهُ، سَوَاءٌ نَقَصَ عَنْ قَدْرِ النِّصَابِ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ.
وَفِي هَذَا الْمَعْنَى مَا رُوِّينَا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَنْ سَأَلَ مِنْكُمْ وَلَهُ أُوقِيَّةٌ أَوْ عَدْلُهَا فَقَدْ سَأَلَ إِلْحَافًا (¬2) " (¬3).
وَرُوِّينَا عَنْ سَهْلِ بْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أَنَّهُ قِيلَ: مَا الْغِنَى الَّذِي لَا يَنْبَغِي مَعَهُ الْمَسْأَلَةُ؟ قَالَ: "أَنْ يَكُونَ لَهُ شِبْعُ (¬4) يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ" (¬5).
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رحمه الله -: وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مُخْتَلِفٌ (¬6)، وَكَأَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَلِمَ مَا يُغْنِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، فَجَعَلَ غِنَاهُ بِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّاسَ يَخْتَلِفُونَ فِي قَدْرِ كِفَايَتِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُغْنِيهِ خَمْسُونَ دِرْهَمًا لَا يُغْنِيهِ أَقَلُّ مِنْهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يُغْنِيهِ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، لَا يُغْنِيهِ أَقَلُّ مِنْهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ كَسْبٌ يُدِرُّ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ مَا يُغَدِّيهِ وَيُعَشِّيهِ، وَلَا عِيَالَ لَهُ، فَهُوَ مُسْتَغْنٍ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَقَعْ لَهُ الْكِفَايَةُ إِلَّا بِأُلُوفٍ أُعْطِيَ قَدْرَ أَقَلِّ الْكِفَايَةِ، بِدَلِيلِ حَدِيثِ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ.
* * *
¬__________
(¬1) في النسخ: "بكفاية"، والمثبت من المختصر.
(¬2) الإلحاف: الإلحاح والمبالغة في السؤال.
(¬3) أخرجه أبو داود في السنن (3/ 70)، والنسائي في المجتبى (4/ 558).
(¬4) الشِّبْع: اسم ما يُشْبِع.
(¬5) أخرجه أبو داود في السنن (3/ 71).
(¬6) وكذا في بعض نسخ المختصر (4/ 91)، وفي النسخ الأخرى: "يختلف"، وفي السنن الكبير (13/ 426): "بمختلف".

الصفحة 337