كتاب الخلافيات بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه ت النحال (اسم الجزء: 5)

وَمَعْنُ بْنُ يَزِيدَ كَانَ مُسْتَغْنِيًا بِأَبِيهِ، وَحِينَ أُعْطِيَ مِنْ صَدَقَةِ أَبِيهِ بِجَهَالَةٍ، ثُمَّ بَانَ ذَلِكَ، وَقَعَتْ مَوْقِعَهَا.
وَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ أَجَابَ عَنْ هَذَا فَقَالَ: هَذِهِ حِكَايَةُ حَالٍ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ (¬1) وَارِدَةً فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ دُونَ الْفَرْضِ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ لِوَلَدٍ وَلَا لِوَالِدٍ حَقٌّ فِي صَدَقَةٍ مَفْرُوضَةٍ. وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ.
وَقَدْ:
[3949] أخبرنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ بِبَغْدَادَ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلْقَمَةَ الْمَرْوَزِيُّ، ثنا أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ، عَنْ أَبِي الْجُوَيْرِيَةِ (¬2) الْجَرْمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ مَعْنَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ: خَاصَمْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَفْلَجَنِي (¬3)، وَخَطَبَ عَلَيَّ فَأَنْكَحَنِي (¬4)، وَبَايَعْتُهُ أَنَا وَجَدِّي. قَالَ: قُلْتُ: وَمَا كَانَتْ خُصُومَتُكَ؟ قَالَ: كَانَ [رَجُلٌ] (¬5) يَغْشَى الْمَسْجِدَ فَيَصَّدَّقُ عَلَى رِجَالٍ يَعْرِفُهُمْ، فَجَاءَ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَمَعَهُ صُرَّةٌ، فَظَنَّ أَنِّي بَعْضُ مَنْ يَعْرِفُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ تَبَيَّنَ لَهُ، فَأَتَانِي فَقَالَ: رُدَّهَا، فَأَبَيْتُ. قَالَ: فَاخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَجَازَ لِيَ الصَّدَقَةَ، وَقَالَ: "لَكَ أَجْرُ مَا نَوَيْتَ" (¬6).
¬__________
(¬1) في النسخ: "يكون"، والمثبت الجادة.
(¬2) في النسخ: "الجويرة" والمثبت من السنن الكبير (13/ 452).
(¬3) أي: حكَم لي.
(¬4) أي: طَلَبَ لي النكاحَ فأُجيب. يقال: خطب المرأة إلى وليها إذا أرادها الخاطب لنفسه، وعلى فلان إذا أرادها لغيره.
(¬5) ما بين المعقوفين ليس في النسخ، والمثبت من السنن الكبير.
(¬6) أخرجه أحمد في المسند (6/ 3405) عن أبي عوانة عن أبي الجويرية.

الصفحة 341