كتاب الدر الفريد وبيت القصيد (اسم الجزء: 5)

نَسَبُ عَلي بن الجَهمِ: هُو عَليُّ الجهم بنِ مَسعود بن أُسَيد بن أُذَينَة بنِ كَرار بن كَعبِ بن مَالكِ بن عُتبة بن جَابر بنِ حَارثِ بن عَبد البَيتِ بن الحَارث بنِ سَامةَ بن لُؤيِّ بن غَالبٍ هَكَذا يدَّعُونَ وَقُريشٌ تدفعهم فَهُم عَنِ النَسَبِ وتُسمِّيهم ناحيَةَ يَنسُبُونَهمُ إِلى أُمِّهم وَهي لَيلى امرأَةُ سَامَة. وقَالَ الزُّبيرُ بنُ بَكَّار: هُمْ قُريشٌ العَاربَةُ فأدخَلهم في قُريشٍ، وكانَ بَنُو نَاجيَةَ ارتَدُّوا عن الإسلَام فلمَّا وَلي علي بن أبي طالب عليه السلام دعَاهم إلى الإِسلام فأسلَم بَعضٌ عَلَى الرِدَّة فَسَباهُم واستَأسرَهُم فاشتراهُم مَصقلَةُ فأعتَقهُم وَهَربَ مِن ليلَته إِلى مُعاويَة فصَارُوا أحرارًا ولزمَهُ الثمَن فشعثَ عَليَّ عَليه السلام مِن دَارهِ وَقيل يَومَهَا فلم يدخل مصقَلُهُ الكُوفَةَ إِلَى أَن قُتلَ عَليه السَلَام. وَكَانَ عِلي بن الجَهمِ شاعِرًا فصيحًا مَطبوعًا واختَصَّ بالمُتوكِّل حَتَّى صَارَ من جُلسَائِهِ ثم أَبغَضَهُ لأنَّهُ كَانَ كَثيرَ السَّعايةِ إليهِ بندمائِهِ فَكَشَفَ عن ذلكَ فلم يَجد لَهُ حَقيقةً فنفَاهُ بَعد أنْ حبَسَهُ مُدَّةً، وكَانَ يَنحُو نحو آلِ مَروان بن أبي حَفصَة في هجاءِ آل أبي طَالبٍ وَذمِّهم والإغراءِ بِهمِ وهجاءِ الشِيعةِ وَكان منحرفًا عن عَلي بن أَبِي طالب عليه السلام وَكَان شِدِيد الكذِب وَكَان يُنبَزُ البغاء وهَجاهُ البُحتُريُّ بذلكَ وسَمِعَهُ أَبُو العَيناءِ يومًا يطعنُ فيه عليٍّ علَيهِ السَّلامُ فقال لَهُ أَبوُ العَيناءِ أنا أدرِي لم تَطعنُ علَيه قال تَعنِي قصَّة أَهلي وسَعيهِم مِن مَصقلةَ بن هُيرةَ قالَ أَنتَ أوضَعُ مِن ذلك ولكنَّهُ قتَل الفاعِلَ وَالمَفعُولَ بهِ مِن قَومِ لُوطٍ وَأنتَ أَسفَلُهُمَا. واجتَمَع إليه أهلُهُ ولَامُوهُ عَلى ذلك وأمرُوهُ بتركِهِ فقال لَهُم فَذوقوه أنتُم ثُم اتركُوهُ فيئسوا من فلَاحِهِ. وَحدث عليُّ العبَّاس قال: حدَّثنِي الحُسَينُ مُوسَى قالَ لما شاعِ في النَّاسِ مَذهَبُ عليّ بن الجَهمِ وَشرَهُ وَكَذِبَهُ هجره النَاس وتَحامَوهُ فخَرجَ مِن بَغدَادَ إِلى الشَّام قالَ فاتفقنا في قافلةٍ إِلَى حَلبَ فخرجَ عَلينا نَفرٌ مِن الأعرابِ وَتسرَّعَ إِليهم المُقَاتَلةُ وخَرجَ فِيهم علي بن الجَهمِ فَقاتَلَ وَهُزِمَ الأعرابُ فلما كَان منَ الغَدِ خَرجَ عَلينا منهُم خَلقٌ كثِيرٌ وتسرَّعَت إليهم المُقَاتلَةُ وَخَرجَ فيهم عَلي بنُ الجَهم فأَصابَته طَعنَةٌ فاحتمَلنَاهُ وَهو يَنزفُ دمًا فلمَّا رآني بَكَى وَجَعلَ يوصيني بمَا يُريدُ فقلتُ لَه لَيسَ عليك بأسٌ فلمَّا أَمسينَا قَلقَ قلقًا شَديدًا وَأَحسَّ بالمَوتِ وَجَعَلَ يَقول (¬1):
¬__________
(¬1) البيتان في ديوان علي بن أبي الجهم: 170.

الصفحة 34