كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (اسم الجزء: 5)

يَتَّقِيَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنْ يُلِينَ فِيكُمُ الْجَنَاحَ، وَيُحْسِنَ فِيكُمُ السِّيرَةَ وَيَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ مَنْ لَقِيَهُ مِنَ النَّاسِ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مِنَ الْعَدْلِ، وَأَمَرْتُكُمُ بِطَاعَتِهِ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ، فَإِنْ حَكَمَ فَعَدَلَ، وَقَسَمَ فَأَقْسَطَ وَاسْتُرْحِمَ فَرَحِمَ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا وَأَحْسِنُوا مُؤَازَرَتَهُ وَمَعُونَتَهُ، فَإِنَّ لِي عَلَيْكُمْ مِنَ الْحَقِّ طَاعَةً وَحَقًّا وَعَظِيمًا لَا تَقْدِرُونَهُ كُلَّ قَدْرِهِ، وَلَا يَبْلُغُ الْقَوْلُ كُنْهَ عَظَمَةِ حَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ رَسُولِهِ، وَكَمَا أَنَّ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ عَلَى النَّاسِ عَامَّةً وَعَلَيْكُمْ خَاصَّةً حَقًّا فِي طَاعَتِهِ وَالْوَفَاءِ بِعَهْدِهِ فَرَضِيَ اللَّهُ عَنْ مَنِ اعْتَصَمَ بِالطَّاعَةِ. حَقٌّ كَذَلِكَ لِلْمُسْلِمِينَ عَلَى وُلَاتِهِمْ حَقٌّ وَاجِبٌ وَطَاعَةٌ، فَإِنَّ الطَّاعَةَ دَرْكُ خَيْرٍ، وَنَجَاةٌ مِنْ كُلِّ شَرٍّ، وَأَنَا أُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ مَنْ وَلَّيْتُهُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، فَلْيَسْتَخِيرُوا اللَّهَ عِنْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ لِيَسْتَعْمِلُوا عَلَيْهِمْ أَفْضَلَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ. أَلَا وَإِنْ أَصَابَتِ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ، فَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ سَيْفُ اللَّهِ يَخْلُفُ فِيهِمُ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا وَأَحْسِنُوا مُؤَازَرَتَهُ وَطَاعَتَهُ، فَسِيرُوا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ وَنَصْرِهِ وَعَاقِبَةِ رُشْدِهِ وَتَوْفِيقِهِ. مَنْ لَقِيتَهُمْ مِنَ النَّاسِ فَادْعُوهُمْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّتِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِحْلَالِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُمْ فِي كِتَابِهِ وَتَحْرِيمِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَأَنْ يَخْلَعُوا الْأَنْدَادَ وَيَبْرَءُوا مِنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ وَأَنْ يَكْفُرُوا بِعِبَادَةِ الطَّوَاغِيتِ وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى وَأَنْ يَتْرُكُوا عِبَادَةَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَعُزَيْرِ بْنِ حَرْوَةَ وَالْمَلَائِكَةِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنِّيرَانِ وَكُلِّ مَنْ يُتَّخَذُ نُصُبًا مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَأَنْ يَتَبَرَّءُوا مِمَّا بَرِئَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ وَأَقَرُّوا بِهِ فَقَدْ دَخَلُوا فِي الْوَلَايَةِ وَسَمُّوهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ الَّذِي تَدْعُونَهُمْ إِلَيْهِ، كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى صَفِيِّهِ مِنَ الْعَالَمِينَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَسُولِهِ وَنَبِيِّهِ أَرْسَلَهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ عَامَّةً، الْأَبْيَضُ مِنْهُمْ وَالْأَسْوَدُ وَالْإِنْسُ وَالْجِنُّ، كِتَابٌ فِيهِ تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَمَا هُوَ كَائِنٌ بَعْدَكُمْ لِيَكُونَ حَاجِزًا بَيْنَ النَّاسِ حَجَزَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَهُمْ عَنْ بَعْضٍ، وَهُوَ كِتَابُ اللَّهِ مُهَيْمِنًا عَلَى الْكُتُبِ مُصَدِّقًا لِمَا فِيهَا مِنَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ، يُخْبِرُكُمُ اللَّهُ فِيهِ بِمَا كَانَ قَبْلَكُمْ مِمَّا فَاتَكُمْ دَرْكُهُ مِنْ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ الَّذِينَ أَتَتْهُمْ رُسُلُ اللَّهِ وَأَنْبِيَاؤُهُ، كَيْفَ كَانَ جَوَابُهُمْ لِرُسُلِهِمْ؟ وَكَيْفَ تَصْدِيقُهُمْ بِآيَاتِ اللَّهِ؟ وَكَيْفَ كَانَ تَكْذِيبُهُمْ [بِآيَاتِ اللَّهِ؟ فَأَخْبَرَكُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ شَأْنَهُمْ وَأَعْمَالَهَمْ وَأَعْمَالَ مَنْ هَلَكَ مِنْهُمْ] بِذَنْبِهِ، فَتَجَنَّبُوا مِثْلَ ذَلِكَ أَنْ تَعْمَلُوا مِثْلَهُ لِكَيْ لَا يَحُلَّ

الصفحة 311