كتاب الروض الأنف ت الوكيل (اسم الجزء: 5)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْفُقَهَاءِ الْأَمْرُ عِنْدَنَا، أَوْ رَأَيْنَا كَذَا، أَوْ نَرَى كَذَا، فَإِنّمَا ذَلِكَ، لِأَنّهُ قَوْلٌ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ، وَلَوْ انْفَرَدَ بِهِ لَكَانَ بِدْعَةً، وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ تَعْظِيمًا لِنَفْسِهِ، لَا هُوَ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الدّينِ وَالدّعَةِ.
احْتِجَاجُهُمْ لِأُلُوهِيّةِ عِيسَى:
وَأَمّا احْتِجَاجُ الْقِسّيسِينَ بِأَنّهُ كَانَ يُحْيِي الْمَوْتَى، وَيَخْلُقُ مِنْ الطّينِ كَهَيْئَةِ الطّيْرِ فَيَنْفُخُ فِيهِ، فَلَوْ تَفَكّرُوا لَأَبْصَرُوا أَنّهَا حُجّةٌ عَلَيْهِمْ، لِأَنّ اللهَ تَعَالَى خَصّهُ دُونَ الْأَنْبِيَاءِ بِمُعْجِزَاتِ تُبْطِلُ مَقَالَةَ مَنْ كَذّبَهُ، وَتُبْطِلُ أَيْضًا مَقَالَةَ مَنْ زَعَمَ أَنّهُ إلَهٌ أَوْ ابْنُ الْإِلَهَ وَاسْتَحَالَ عِنْدَهُ أَنْ يَكُونَ مَخْلُوقًا مِنْ غَيْرِ أَبٍ، فَكَانَ نَفَخَهُ فِي الطّينِ، فَيَكُونُ طَائِرًا حَيّا: تَنْبِيهًا لَهُمْ لَوْ عَقَلُوهُ عَلَى أَنّ مَثَلَهُ كَمَثَلِ آدَمَ خُلِقَ مِنْ طِينٍ، ثُمّ نَفَخَ فِيهِ الرّوحَ، فَكَانَ بَشَرًا حَيّا، فَنَفَخَ الرّوحَ فِي الطّائِرِ الّذِي خَلَقَهُ عِيسَى مِنْ طِينٍ لَيْسَ بِأَعْجَبَ مِنْ ذَلِكَ، الْكُلّ فَعَلَ اللهُ، وَكَذَلِكَ إحْيَاؤُهُ لِلْمَوْتَى، وَكَلَامُهُ فِي الْمَهْدِ، كُلّ ذَلِكَ يَدُلّ عَلَى أَنّهُ مَخْلُوقٌ مِنْ نَفْخَةِ رُوحِ الْقُدْسِ فِي جَيْبِ أُمّهِ، وَلَمْ يُخْلَقْ مِنْ مَنِيّ الرّجَالِ، فَكَانَ مَعْنَى الرّوحِ فِيهِ- عَلَيْهِ السّلَامُ- أَقْوَى مِنْهُ فِي غَيْرِهِ، فَكَانَتْ مُعْجِزَاتُهُ رُوحَانِيّةً دَالّةً عَلَى قُوّةِ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رُوحِ الْحَيَاةِ، وَمِنْ ذَلِكَ بَقَاؤُهُ حَيّا إلَى قُرْبِ السّاعَةِ. وَرُوِيَ عَنْ أُبَيّ بْنِ كَعْبٍ أَنّ الرّوحَ الّذِي تَمَثّلَ لَهَا بَشَرًا هُوَ الرّوحُ الّذِي حَمَلَتْ بِهِ، وَهُوَ عِيسَى عَلَيْهِ السّلَامُ دَخَلَ مِنْ فِيهَا إلَى جَوْفِهَا. رَوَاهُ الْكَشِيّ بِإِسْنَادِ حَسَنٍ يَرْفَعُهُ إلَى أُبَيّ «1» ، وَخُصّ بِإِبْرَاءِ الأكمه والأبرص،
__________
(1) بدعة توحى إليك بأن وراءها خرفا صليبيا. فالصليبية تزعم هذا. -

الصفحة 35