كتاب الروض الأنف ت الوكيل (اسم الجزء: 5)
حَتّى كَانَ آخِرُهُمْ زِيَادَ أَوْ عُمَارَةَ، فَقَاتَلَ حَتّى أَثَبَتَتْهُ الْجِرَاحَةُ، ثُمّ فَاءَتْ فِئَةٌ مِنْ المسلمين، فأجهضوهم عنه، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَدْنُوهُ مِنّي، فَأَدْنَوْهُ مِنْهُ، فَوَسّدَهُ قَدِمَهُ، فَمَاتَ وَخَدّهُ عَلَى قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
[حَدِيثُ أُمّ سَعْدٍ عَنْ نَصِيبِهَا فِي الْجِهَادِ يَوْمَ أُحُدٍ]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَقَاتَلَتْ أُمّ عُمَارَةَ، نُسَيْبَةُ بِنْتُ كَعْبٍ الْمَازِنِيّة يَوْمَ أُحُدٍ.
فَذَكَرَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي زَيْدٍ الْأَنْصَارِيّ: أَنّ أُمّ سَعْدِ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ الرّبِيعِ كَانَتْ تَقُولُ: دَخَلْتُ عَلَى أُمّ عُمَارَةَ، فَقُلْت لَهَا: يَا خَالَةُ، أَخْبِرِينِي خَبَرَك، فَقَالَتْ: خَرَجْتُ أَوّلَ النّهَارِ وَأَنَا أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُ النّاسُ، وَمَعِي سِقَاءٌ فِيهِ مَاءٌ، فَانْتَهَيْتُ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ فِي أَصْحَابِهِ، وَالدّوْلَةُ وَالرّيحُ لِلْمُسْلِمِينَ. فَلَمّا انْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ، انْحَزْتُ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُمْت أُبَاشِرُ الْقِتَالَ، وَأَذُبّ عَنْهُ بِالسّيْفِ، وَأَرْمِي عَنْ الْقَوْسِ، حَتّى خَلَصَتْ الْجِرَاحُ إلَيّ. قَالَتْ: فَرَأَيْتُ عَلَى عَاتِقِهَا جُرْحًا أَجْوَفَ لَهُ غَوْرٌ، فَقُلْت: مَنْ أَصَابَك بِهَذَا؟ قَالَتْ: ابْنُ قَمِئَةَ، أَقْمَأَهُ اللهُ! لَمّا وَلّى النّاسُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ يَقُولُ: دُلّونِي عَلَى مُحَمّدٍ، فَلَا نَجَوْتُ إنْ نَجَا، فَاعْتَرَضْتُ لَهُ أَنَا وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَأُنَاسٌ مِمّنْ ثَبَتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، فَضَرَبَنِي هَذِهِ الضّرْبَةَ، وَلَكِنْ فَلَقَدْ ضَرَبْته عَلَى ذَلِكَ ضَرْبَاتٍ، وَلَكِنّ عَدُوّ اللهِ كَانَ عَلَيْهِ دِرْعَانِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الصفحة 444