كتاب الأسئلة والأجوبة الفقهية (اسم الجزء: 5)

مكتر قبولها؛ لأن المؤجر فعل ما عليه كما لو بذل البائع العين المبيعة، وليس للمكتري أن يمتنع من قبولها بعد بذلها إليه، وقال أبو حنيفة: لا يملك الأجرة ولا يستحق المطالبة بها إلا يومًا ويومًا إلا أن يشترط تعجيلها، قال أبو حنيفة: إلا أن تكون معينة كالثوب والدار والعبد؛ لأن الله تعالى قال: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} أمر بإيتائهن بعد الرضاع، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يقول الله عز وجل: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يوفه أجره» فتوعده على الامتناع من دفع الأجرة بعد العمل دل على أنها حالة الوجوب، وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه» رواه ابن ماجه. ولأنه عوض لم يملك معوضه فلم يجب تسليمه كالعوض في العقد الفاسد؛ فإن المنافع معدومة لم تملك ولو ملكت فلم يتسلمها؛ لأنه يتسلمها شيئًا فشيئًا فلا يجب عليه العوض مع تعذر التسليم في العقد، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. وقال بعضهم يجب على المكتري القبول إذا بذل العين مؤجر وليس في الموضع يد حائلة، فأما إذا كان يد حائلة تمنعه من الانتفاع بها فلا يجب عليه قبولها ويجب عليه دفع الأجرة؛ لعدم تمكنه من الانتفاع، كما لو كان المأجور داة أو سيارة وكانت الشرطة تسخر الدواب أو السيارات ولا يقدر المؤجر على تسليمها ولا المستأجر على دفعهم فلا يعتبر التسليم في هذه الحال وتستقر الأجرة وتثبت كاملة بذمة مستأجر بفراغ عمل ما استؤجر لعمله وهو بيد المستأجر كطباخ استؤجر في دار المستأجر فطبخ ما استؤجر له وفرغ منه؛ لأنه أتم ما عليه وهو بيد ربه فاستقر فكل شيء يستأجره لعمله إذا عمله أجير مشترك وفرغه أي بذله بعد فراغه منه وقع ذلك الشيء في حكم المقبوض فيستحق باذله أجرته وتستقر بدفع غير ما بيد المستأجر
كما لو اتفقا على أن الخياط يخيط له ثوبًا بدكانه فخاطه وسلمه لربه

الصفحة 338