كتاب الأسئلة والأجوبة الفقهية (اسم الجزء: 5)

فإن الملاعب بها يستغرق قلبه وعقله وفكره فيما يعمله خصمه وما يريد أن يفعله هو وفي لوازم ذلك ولوازم لوازمه حتى إنه لا يحس بجوعه ولا عطشه ولا ممن يحضر عنده، ولا ممن يسلم عليه ولا بحال أهله ولا بغير ذلك من ضرورات نفسه وماله فضلًا عن أن يذكر الله تعالى والصلاة، وهذا كما يحصل لشارب الخمر، بل كثير من الشراب يكون أصحى من عقل كثير من أصحاب الشطرنج والنرد واللاعب لا تنقضي نهمته منها وتبقى آثارها في النفس بعد انقضائها أكثر من آثار شارب الخمر حتى تعرض له في الصلاة والمرض وعند ركوب الدابة، بل عند الموت وأمثال ذلك من الآثار التي يطلب فيها ذكره لربه وتوجهه إليه يعرض له تماثيلها فصدُّها عن ذكر الله قد يكون أعظم من صد الخمر وإفسادها للقلوب أعظم من إفساد النرد؛ ولكن النرد كان معروفًا عند العرب والشطرنج لم يعرف إلا بعد أن فتحوا البلاد؛ فإن أصله من الهند وانتقل منهم إلى الفرس؛ ولهذا جاء ذكر النرد وإلا فالشطرنج شر من النرد إذا استويا في العوض أو عدمه.
ولا يحل اللعب بأم الخطوط ولا الكيرم ولا المدافن إذا كانت بعوض أو أشغلت عن ذكر الله أو عن الصلاة ولو كانت بلا عوض، ومما يحرم ويدخل في المخاطرة والقمار ما يسمى بالتأمين، وهو عقد بين طرفين أحدهما مؤمن والآخر مؤمَّن يلتزم فيه المؤمن أن يؤدي إلى المؤمن مبلغًا من المال أو شيئًا مرتبًا عندما يحصل ضرر أو حادث، وذلك في مقابل قسط أو أية دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمن إلى المؤمن، وفي الغالب أن الذي يقوم بالتأمين شركات مساهمة كبيرة يتعامل معها أناس كثيرون ويكون لهم وكلاء، ومما يوضح خطر التأمين وضرره أنه لو دفع إنسان إلى الشركة التي تقوم بالتأمين مثلًا ستة آلاف (6000) لتأمين بضاعته التي ثمنها ثلاث مائة ألف (300000) أو لتأمين مستودعه الذي فيه من المال نحو ذلك؛ فإن عُدِمَ المال كله، فالذي

الصفحة 354