كتاب الأسئلة والأجوبة الفقهية (اسم الجزء: 5)

محبوب مرضي لله ورسوله معين على تحصيل محابه كالسباق بالخيل والإبل والرمي بالنشاب، وقسم مبغوض مسخوط لله ورسوله موصل إلى ما يكرهه الله ورسوله كسائر المغالبات التي توقع العداوة والبغضاء وتصد عن ذكر الله وعن الصلاة كالنرد والشطرنج وما أشبههما، وقسم ليس بمحبوب لله ولا مسخوط له بل هو مباح لعدم المضرة الراجحة كالسباق على الأقدام والسباحة وشيل الأحجار والصراع ونحو ذلك.
فالنوع الأول يشرع مفردًا عن الرهن، ويشرع فيه كل ما كان ادعى إلى تحصيله فيشرع فيه بذل الرهن من هذا وحده ومنهما معًا ومن الأجنبي وأكل المال، بل أكل بحق ليس أكلًا بباطل وليس من القمار والميسر في شيء.
والنوع الثاني محرم وحده ومع الرهان وأكل المال به ميسر وقمار كيف كان سواء كان من أحدهما أو كليهما أو من ثالث وهذا باتفاق المسلمين؛ فما إن خلا عن الرهان فهو حرام عند الجمهور نردًا كان أو شطرنجًا هذا قول مالك وأصحابه وأبي حنيفة وأصحابه وأحمد وأصحابه وقول جمهور التابعين ولا يحفظ عن صحابي حله.
قال: وتحرير المسألة وفقهها أن الله سبحانه لمَّا حرم الميسر هل هو لأجل ما فيه من المخاطر المتضمنة لأكل المال بالباطل فعلى هذا إذا خلا عن العوض لم يكن حرامًا؛ ولكن هذا القول خلاف النص والقياس كما سنذكره أو حرمه لما يشتمل عليه في نفسه من المفسدة وإن خلا عن العوض فتحريمه من جنس تحريم الخمر؛ فإنه يوقع العداوة والبغضاء ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة وأكل المال فيه عون وذريعة إلى الإقبال عليه واشتغال النفوس به؛ فإن الداعي حينئذ يقوي من وجهين من جهة المغالبة ومن جهة أكل المال فيكون حرامًا من الوجهين، وهذا المأخذ أصح نصًا وقياسًا وأصول الشريعة وتصرفاتها تشهد له بالاعتبار؛ فإن الله سبحانه وتعالى قال في

الصفحة 356