كتاب الأسئلة والأجوبة الفقهية (اسم الجزء: 5)

والقارح أصبر من غيره، وروى ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سبق بين الخيل وفضل القرح في الغاية» رواه أبو داود؛ فإن استبقا بلا غاية لينظر أيهما يقف أولًا لم يجز؛ لأنه يؤدي إلى أن لا يقف أحدهما حتى ينقطع فرسه ويتعذر الإشهاد على السبق فيه؛ ولذلك يشترط معرفة مدى الرمي إما بالمشاهدة أو بالذرعان، نحو مائة ذراع أو مائتي ذراع؛ لأن الإصابة به تختلف بالقرب والبعد ويجوز ما يتفقان عليه إلا أن يجعلا مسافة بعيدة تتعذر الإصابة في مثلها غالبًا؛ لأن الغرض يفوت بذلك، وقد قيل ما رمى في أربعمائة ذراع إلا عقبة بن عامر الجهني - رضي الله عنه - كما لا يصح تناضلهما على أن السبق لأبعدهما رميًا لعدم تحديد الغاية.
الشرط الرابع: علم عوض؛ لأنه مال في عقد فوجب العلم به كسائر العقود ويعلم إما المشاهدة أو بالوصف أو بالقدر إذا كان بالبلد نقد واحد أو أغلب وإلا لم يكف ذكر القدر بل لابد من وصفه، وأن يكون العوض مباحًا وبذل العوض تمليك بشرط سبقه، قال في «شرح الإقناع» : قلت في كلامهم أنه جعالة فليس من قبيل التمليك المعلق على شرط محض، ويجوز طول العوض وتأجيله كله أو بعضه، فلو قال: إن فضلتني فلك دينار حال وقفيز حنطة بعد شهر جاز؛ لأن ما جاز أن يكون حال ومؤجلًا جاز أن يكون بعضه حالًا وبعضه مؤجلًا كالبيع غير أنه يحتاج إلى صفة الحنطة بما تعلم به كالسلم.
الشرط الخامس: الخروج بالعوض عن شبه القمار؛ لأن القمار محرم وهو بكسر القاف مصدر قامره فقمره إذا راهنه فغلبه، وفي حديث أبي هريرة: «من قال لأخيه تعال أقامرك فليتصدق» بأن لا يخرج جميهم العوض؛ لأنه إذا أخرجه كل منهم فهو قمار؛ لأنه لا يخلو إما أن يغنم أو يغرم، ومن لم يخرج بقي سالمًا من الغرم، وقيل: يجوز ولو كان المتسابقان كل منهما مخرج

الصفحة 360