كتاب الأسئلة والأجوبة الفقهية (اسم الجزء: 5)

للعوض، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه أعلم. فإن كان الجعل من الإمام من ماله أو من بيت المال على أن من سبق فهو له جاز؛ لأن فيه مصلحة وحثًا على تعليم الجهاد ونفعًا للمسلمين ونص على أن الإخراج من بيت المال مختص بالإمام لتوليه الولاية أو كان الجعل من غير الإمام على أن من سبق فهو له جاز لما فيه من المصلحة والقربة اثنين فأكثر منهم إذا كثروا وثم من لم يخرج على أن من سبق أخذه جاز؛ لأنه إذا جاز بذله من غيرهم فأولى أن يجوز من بعضهم؛ فإن جاء المتسابقان منتهى الغاية معًا فلا شيء لهما من الجعل؛ لأنه لم يسبق أحدهما الآخر وإن سبق فخرج العوض من المتسابقين أحرزه ولم يأخذ من صاحبه شيئًا؛ لأنه إن أخذه منه شيئًا كان قمارًا وإن سبق الآخر الذي لم يخرج أحرز سبق صاحبه فملكه وكان كسائر ماله؛ لأنه عوض في الجعالة فملك فيها كالعوض المجعول في رد الضالة؛ فإن كان العوض في الذمة فهو دين يقضي به عليه إن كان موسرًا وإن أفلس ضرب به مع الغرماء وإن أخرج المتسابقان معًا لم يجز تساويًا أو تفاضلًا؛ لأنه قمار إذ لا يخلو كل منهما عن أن يغنم أو يغرم إلا بمحل لا يخرج شيئًا لما روى أبو هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أدخل فرسًا بين فرسين وهو آمن أن يسبق فهو قمار» رواه أبو داود، فجعله قمارًا إذا أمن السبق؛ لأنه لا يخلو كل واحد منهما أن يغنم أو يغرم وإذا لم يأمن أن يسبق لم يكن قمارًا؛ لأن كل واحد منهما يجوز أن يخلو من ذلك، ولا يجوز كون محلل أكثر من واحد لدفع الحاجة به.
ويشترط في المحلل أن يكون يكافيء مركوبيهما في المسابقة أو يكافئ رميه رميهما في المناضلة للخبر السابق.

الصفحة 361