كتاب الأسئلة والأجوبة الفقهية (اسم الجزء: 5)

فمن خرجت له القرعة بدأ بالرمي وسن تعيين باد عند عقد؛ لأنه أقطع للنزاع؛ فإن بادر غير الأحق فرمى فرميه عبث لم يعتد له سهمه أخطأ أو أصاب؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد» . ويجوز أن يرمي المتناضلان سهمًا سهمًا وأن يرميا خمسًا خمسًا وأن يرمي كل واحد منهما جميع الرشق، وإن شرطا شيئًا حمل عليه؛ فإن أطلق تراسلًا سهمًا سهمًا؛ لأنه العرف وإن بدا أحدهما في وجه هو رمي القوم بأجمعهم جميع السهام بدأ الآخر في الوجه الثاني تعديلًا بينهما؛ فإن شرطا البداءة لأحدهما في كلا الوجوه لم يصح؛ لأن موضوع المناضلة على المساواة وهذا تفاضل، وإن فعلا البدء في الرمي من غير شرط برضاهما صح؛ لأن البداءة لا أثر لها في الإصابة ولا في وجود الرمي، وإن شرطا أن يبدأ كل واحد منهما من وجهين متوالين جاز لتساويهما وإن اشترطا أن يرمي أحدهما رشقة ثم يرمي الآخر رشقة جاز أو اشترطا أن يرمي أحدهما عددًا ثم يرمي الآخر مثله جاز وعمل به؛ لحديث: «المؤمنون على شروطهم» وسن جعل غرضين في المناضلة يَرْمي الرَّسْلان أحد الغرضين ثم يمضيان إلى الغرض فيأخذان السهام ويرميان الغرض الآخر؛
لأن هذا كان فعل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ما بين الغرضين روضة من رياض الجنة» ، وقال إبراهيم التيمي: رأيت حذيفة يشتد بين الهدفين يقول: أنابها في قميص، وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- مثله، ويروى أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يشتدون بين الأغراض يضحك بعضهم إلى بعض، فإذا جاء الليل كانوا رهبانًا أي عبادًا وإذا كان غرضًا فبدأ أحدهما بغرض بدأ الآخر بالغرض الثاني لحصول التعادل وإن جعلوا غرضًا واحدًا جاز لحصول المقصود به وإذا تشاحا في موضع الوقف هل هو عن يمين الغرض أو يساره ونحو ذلك؛ فإن كان الموضع

الصفحة 378