كتاب الأسئلة والأجوبة الفقهية (اسم الجزء: 5)

فأخْلِفْ وأتِلفْ إنما المال عَارَةٌ

وكُلْهُ مَعَ الدهرِ الذي هو آكلُهْ

والعارية: العين المأخوذة من مالك أو مالك منفعتها أو مأذونهما للانتفاع بها مطلقًا أو زمنًا معينًا بلا عوض من الآخذ لها أو من غيره والإعارة إباحة نفع العين وهو رفع الحرج عن تناول ما ليس مملوكًا له وليست هبة إذ الهبة تمليك يستفيد به التصرف في الشيء كما يستفيده فيه بعقد المعاوضة.
والإعارة مشروعة بالكتاب والسُّنة والإجماع: أما الكتاب: فقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى} وهي من البر، وفسر جمهور المفسرين قوله تعالى: {وَيَمْنَعُونَ المَاعُونَ} بما يستعيره الجيران بعضهم من بعض كالدلو والفأس والإبرة، وقال ابن عباس وابن مسعود هي العواري؛ وأما السُّنة: فروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في خطبته في حجة الوداع: «العارية مؤداة، والمنحة مردودة، والدين مقضي، والزعيم غارم» .
قال الترمذي: حديث حسن غريب، وعن صفوان بن أمية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعا رنه يوم حنين أدرعًا، فقال: أغصبًا يا محمد؟ فقال: «بل عارية مضمونة» الحديث رواه أحمد وأبو داود. وعن أنس بن مالك قال: كان فزع المدينة فاستعار النبي - صلى الله عليه وسلم - فرسًا من أبي طلحة يقال له: المندوب، فركبه،
فلما رجع قال: «ما رأينا من شيء إن وجدنا لبحرًا» متفق عليه، وعن أبي مسعود قال: كنا نعد الماعون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عارية الدلو والقدر، وعن عائشة أنها قالت وعليها درع قطري ثمنه خمسة دراهم: «كان لي منهم درع على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فما كانت امرأة تُقَيَّن بالمدينة إلا أرسلت إليَّ تستعيره» رواه البخاري وأحمد، وفي حديث جابر قلنا: يا رسول الله، وما حقها؟ قال: «إطراق فحلها وإعارة دلوها ومنحتها» الحديث رواه مسلم

الصفحة 384