كتاب الأسئلة والأجوبة الفقهية (اسم الجزء: 5)

فثبت ما في الأحاديث بالنص، والباقي قياسًا فدفع ما لا يبقى كطعام تُبرعَ من دافع؛ لأنه لا ينتفع به إلا مع تلف عينه؛ لكن إن أعطى الأطعمة والأشربة بلفظ الإعارة، فقيل: يحتمل أن يكون إباحة الانتفاع على وجه الإتلاف؛ فإن كان الطعام أو الشراب بلفظ عارية فهو قرض يجب على آخذ ردُّ بدله كما لو استعار دراهم لينفقها فثبت بذمته قرضًا.
والشرط الثاني: كون معير أهلًا للتبرع شرعًا إذ الإعارة نوع من التبرع؛ لأنها إباحة منفعة:

متَى يُعرْ مَنْ لِتَبَرُّعٍ صَلَحْ

أهْل تَبَرُعَاتِهِ عليه صَحْ

عينًا لِنَفْعِ لم تَكْنْ تُسْتَهْلَكُ

بسَبَبِ اسْتِيْفَاءِ نَفْعٍ يمْلَكُ

الشرط الثالث: كون مستعير أهلًا للتبرع له بتلك العين المعارة فلا تصح إعارة نحو مضارب كناظر وقف ووليّ يتيم لما بأيديهم من مال المضاربة والوقف واليتيم، ولا تصح إعارة مكاتب لما بيده بدون إذن سيده، ولا تصح إعارة لنحو صغير ومجنون ومعتوه بلا إذن وليه؛ لعدم أهليتهم،
وصح في إعارة مؤقتة شرط عوض معلوم وتصير إجارة تغليبًا للمعنى كالهبة إذا شرط فيها ثواب معلوم كانت بيعًا تغليبًا للمعنى
على اللفظ، فإذا أطلقت الإعارة أو جهل العوض فإجارة فاسدة، وفي «التلخيص» : لو أعاره عبده أو نحوه على أن يعيره الآخر فرسه أو نحوه ففعلا فإجارة فاسدة لا تضمن للجهالة؛ لأنهما لم يذكرا مدة معلومة ولا عملًا معلومًا، قال الحارثي: وكذلك لو قال أعرتك هذه الدابة لتعليفها أو هذا العبد لتمونه وإن عينا المدة والمنفعة صحت إجارة لما تقدم.

الصفحة 386